أولاً: وحدة المصريين خط أحمر
النيل الذى تجرى مياهه فى عروقنا، جعلنا شعبًا متجانسًا فى طباعه، متسامحًا فى حياته، فقد وحدهم المجرى حوله، ولم يتشتتوا فى الصحراء جماعات وقبائل، ولم يتحاربوا من أجل نقطة مياه، فلديهم كل الخير والخضرة والنماء، واكتسبوا تجانسًا وانسجامًا وتعاونًا وسلامًا، ولم يحدث على مدى التاريخ، أن دخل المصريون حروبًا ضد بعضهم البعض، كما فى معظم الدول والشعوب، وكانت حروبهم ضد أعدائهم والغزاة، صونًا للاستقلال والكرامة والعزة، وحفاظًا على وحدة التراب الوطنى.
منح الله مصر نعمة تلاحم النسيج الشعبى التى يجب الحفاظ عليها، والتمسك بها وعدم السماح باختراق قانونها الراسخ فى وجدان الأمة، وانعكس فى أسلوب حياة هادئة توحد المصريين فى الشدائد والأزمات، وتجعلهم روحًا واحدة فى جسد واحد، كما تقول الحكمة الفرعونية القديمة، ضد كل صنوف الصراعات القبلية والمذهبية والعرقية والدينية، التى مزقت دولًا وأفنت شعوبًا.
إذا سألت مسلمًا عن مذهبه فلن يعرف الإجابة، وكل المصريين إلا قليلًا لا يعرفون الفرق بين السنّة والشيعة مثلًا، ويجمعهم أذان واحد ويصلون خلف إمام واحد، ومساجدهم واحدة لها نفس الشعائر، ويعشقون آل البيت ويقدسون الصحابة، ولم يحدث على مدى التاريخ أن وقعت بينهم حروبًا دينية، وعندما أرادت الجماعة الإرهابية ورئيسها المعزول، أن يُدخلوا فى مصر نوعًا من الصراع الدينى ببن السنّة والشيعة، لفظهم المصريون وأسقطوهم من فوق كرسى الحكم، فلم تكن مصر هكذا ولن تكون.
إذا سألت مصريًا عن العلامات التى تميز المسلم عن القبطى، فلن يعرف الإجابة، فملابسنا واحدة وأشكالنا واحدة ونسكن متجاورين، وتجمعنا نفس العادات والتقاليد، ونحترم المشاعر الدينية ونجامل بعضنا فى الأفراح، ونتشارك فى الأحزان، ويربط المسلم بالقبطى ميراث تاريخى عريق من تفاهمات الحياة، التى تجعلهم دائمًا يرتفعون فوق أى خلاف.
ثانيًا: هيبة الدولة المصرية خط أحمر
والدولة ليست حكومة ولا نظامًا ولا حزبًا ولا رئيسًا ولا حاكمًا ولا زعيمًا، وإنما المؤسسات الوطنية التى ترسيها كالجبال، وأولهم جيش مصر، الحارس الأمين على الشعب والأرض، ويدفع من أرواح ودماء أبنائه ثمنًا غاليًا، لتظل الرايات خفاقة فى السماء، وتبقى الأرض مصانة والشعب آمنًا وسالمًا.
جيش مصر خط أحمر، لأنه المنقذ الذى تنشق عنه الأرض فى المحن والأزمات، فيحمى البلاد ويصون الاستقلال ويحفظ أمن المصريين وسلامتهم، وترسخ هذا المفهوم ثبوت الجبال، بعد 25 يناير وما تلاها من أحداث صاخبة، حدث مثلها فى دول مجاورة، فمزقتها وأوقعتها فى آتون صراعات مهلكة، أما مصر فقد خرجت من المحنة سالمة، بأقل قدر من الخسائر، بفضل جيشها الذى حمى نفسه وأنقذ البلاد من الانهيار، وشكلت حائط صد للذود سلطات الدولة الأخرى كالقضاء والشرطة.
الدول لا تحكم بعساكرها وإنما بهيبتها، ومن مكونات الهيبة القضاء المستقل، حارس العدالة والقانون والحقوق والحريات، وفى عز الأزمة ونفق المحنة وحكم الجماعة الإرهابية الباغية، لم يضعف قضاء مصر ولم يفرط ولم يخضع، وكان شوكة فى ظهر من أرادوا إضعاف الدولة، والنيل من هيبتها واستقلالها، ولم يقبلوا أن يكون الجلاد حكمًا أو حاكمًا، ولا أن يقفز الأراجوز أعلى من منصة القانون، ولا أن تكون أيديهم باطشة، يحركها حاكم مهزوز وجماعة ظالمة.
ومن سلطات الدولة التى تحفظ هيبتها وقوتها أجهزة الأمن، بالمفهوم الحرفى لكلمة «أمن».. الشرطة التى تعلى راية القانون وتصون حقوق الإنسان، لا تظلم ولا تتجبر ولا تنتهك، وترتدى فوق قبضة القانون الحديدية قفازًا حريريًا حتى لا تؤلم ولا تجرح، وتحترم روح القانون قبل نصوصه.. الشرطة التى بحثنا عنها بعد 35 يناير، بعد أن ساد الخوف وانتشر المجرمون والبلطجية والعصابات، فنهبوا بيوت الناس وانتهكوا الأعراض وسرقوا السيارات.. الشرطة التى تحفظ هيبة الدولة هى التى تصون كرامة الشعب وتحميه من الخوف.
ثالثًا: التراب الوطنى خط أحمر
أرض مصر مقدسة ونزود عنها حتى آخر قطرة من دمنا، كانت وبقيت وستظل إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، الأرض هى العرض والحياة والموت، عشنا فوقها ولن يحتوينا إلا قبرها، ولن يتشرد شعبها أو تهتز تحت أقدامهم، ومن أجمل ما غنينا لها «دع سمائى فسمائى محرقه.. دع قنالى فمياهى مغرقه.. واحذر الأرض فأرضى صاعقه.. دع سمائى دع قنالى دع قنالى فمياهى مغرقه.. هذه أرضى أنا وأبى ضحى هنا.. وأبى قال لنا مزقوا أعداءنا.. أنا شعب وفدائى وثوره.. ودم يصنع للإنسان فجره..ترتوى أرضى به من كل قطره..وستبقى مصر حره.. مصر حره».
مؤتمر الشباب.. عودة الروح
أن تسترد مصر شبابها من براثن اليأس والإحباط، تعود إليها روحها، فكما نفتخر فى بيوتنا بأولادنا الناجحين، تزهو مصر بشبابها الواعد الممتلئ بالحماس والحيوية والقدرة والرغبة، الذى يبحث عن نفسه فى وطنه، ولن يجدها إلا إذا هيأ له وطنه سبل «الإبداع والانطلاق».
الإبداع فى الرؤى والأفكار حتى يتخلص المستقبل من أخطاء وسلبيات الماضى والحاضر، وأهمها الأسوار العازلة بين الشباب والدولة، وأزالها الرئيس بإصراره على ديمومة اللقاء الشهرى مع الشباب، بحضور الدولة بكامل هيئاتها، جاءت لتنصت وتستمع وتناقش الأفكار وتوضح الحقائق، وتتعهد بما تستطيع أن تفى به، وتشرح ما تعجز عنه بسبب الظروف الحاكمة.
أن يسترد الوطن شبابه، فهذا أقصر طريق إلى المستقبل، فهم القادمون وأصحاب القرار والمصير، ولا ننسى الحكمة التى تقول «لا شىء صعب بالنسبة للشباب».