فى 2 نوفمبر 1917 أرسل وزير الخارجية البريطانى، آرثر جيمس بلفور، رسالة رسمية إلى اللورد اليهودى ليونيل وولتر دى روتشيلد، يقول فيها «إن الحكومة البريطانية ستبذل جهدها لإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين»، ومن وقتها بدأ الصهاينة يشعرون بالثقة بشكل أكبر، فقاموا بسرقة الأرض واغتصابها، وامتلكوا الشجاعة الكاملة لقتل العرب المسالمين، ويمكن القول «من يومها بدأت المهزلة».
وبعد 100 عام من هذا الوعد المشؤوم، قام ما يزيد على 11 ألف بريطانى بتوقيع طلب للاعتذار عن وعد بلفور، وهو ما يلزم الحكومة البريطانية بالرد، وبالفعل ردت الحكومة برفض الاعتذار، وقالت فى بيان لها: «إن وعد بلفور موضوع تاريخى، ولا نية للاعتذار عنه، بل نفخر بدور بريطانيا فى إيجاد دولة إسرائيل».
بالطبع كان هذا هو المتوقع من بريطانيا، ومن الدول الغربية التى لا تزال النعرة الاستعمارية تسيطر عليها، وأحلامها القديمة التى كانت بمثابة كوابيس للأمم الأخرى تثير فيها نشوة التاريخ القديم، وتذكرها بأيام عزها عندما كانت إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، لذا لم تشعر الحكومات البريطانية المتوالية بالذنب أبدًا تجاه الشعب الفلسطينى وما حدث له، بل بكل دم بارد تفخر بأنها منحت ما لا تملكه لمن لا يستحقه.
لكن ما الذى كنا نتوقعه؟! هل توقع أحد أن تخرج تيريزا ماى، رئيسة وزراء بريطانيا، ممسكة فى يدها منديلًا تمسح بها دمعها وتقول «آسفة لشعب فلسطين وتاريخه، آسفة عن المجازر التى تمت والمقابر الجماعية التى وقعت، آسفة عن الأرض التى جرفت والبيوت التى دمرت، آسفة عن الآلاف المؤلفة التى خرجت من ديارها وتغربت فى بلاد الناس، آسفة عن الأطفال الذين قتلوا على مرأى ومسمع من العالم كله، آسفة عن الرضع الذين تم حرقهم دون واعظ من دين أو ضمير، آسفة عن الأسرى الذين يقاومون بالإضراب عن الطعام، آسفة للأمهات اللواتى احتضن الفراغ بعد قتل أبنائهن، آسفة لغسان كنفانى وأحمد ياسين ومحمد الدرة وراشيل كورى».. لن تفعل ذلك أبدًا، ولن تعتذر نيابة عن أسلافها المجرمين، شركاء الكارثة الكبرى.
الحكومة البريطانية تعرف جيدًا أن اعتذارها سوف يشعل الجميع ضدها، وتعرف أكثر أن العرب ليسوا فى حالة من القوة التى تجعل بريطانيا تنطق الحق، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلى ومن ورائه أمريكا ودول أخرى كثيرة تجعل الحكومة البريطانية تنطق بالباطل.
الخطأ الكبير الذى نرتكبه أننا ننتظر اعتذارات الآخرين لتصحيح الأخطاء التى نعانى منها، هم لن يفعلوا ذلك، ونحن علينا السير خطوة للأمام، وأن نحقق ما نريده بأيدينا لا بأيدى الآخرين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة