قال مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية، إن البناء الأيديولوجى والفكرى للجماعات التكفيرية والمتطرفة يجعلها تنظر إلى زيارة البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، إلى القاهرة ولقائه القيادات الدينية الإسلامية، وعلى رأسها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، باعتبارها دليلًا على العمالة والخيانة للأمة والإسلام، وموالاةً "لأئمة الكفر" والتحالف معهم ضد "المجاهدين" التابعين للتنظيمات التكفيرية، كداعش والقاعدة ومن على شاكلتهما.
يأتى ذلك بعد تحليل المرصد لأكثر من خمسين إصدارًا مكتوبًا ومرئيًّا لتنظيم داعش الإرهابى، يتحدث فيه عن الغرب والقيادات الدينية المسيحية، خاصة العلاقة بين قيادات العالم الإسلامى والقيادات الدينية فى الفاتيكان، التى تمَّ وصمُها دائمًا باعتبارها موالاةً لأهل الكفر وخيانة للإسلام والمسلمين، بل باعتبارها دليل خيانة يوجب القتل والإخراج من الملة.
وأوضح المرصد أن هذا التصور للزيارة وتكييفها من جانب التنظيمات التكفيرية يعود إلى عدة عوامل، أبرزها أن تلك التنظيمات إنما تنظر للآخر المختلف باعتباره كافرًا ومحاربًا للإسلام والمسلمين، ولا بد من قتاله ولا سبيل للحوار معه أو التواصل، يضاف إلى ذلك تصنيفهم العالم إلى دار حرب ودار سلام، وتصنيف كل بقعة خارج سيطرتهم باعتبارها دار حرب يجب القتال فيها وسفك الدماء، باعتبار ذلك جهادًا لأجل جعل كلمة الله هى العليا!
وأضاف المرصد، أن أحد عوامل هذا التشوه الفكرى والأيديولوجى للجماعات التكفيرية وتكييفها الشاذ لزيارة بابا الفاتيكان إلى مصر يعود إلى الجهل الشديد باللغة وبعلوم الشريعة ومقاصدها، وذلك الجهل الذى جعل خوارج العصر يفسرون الآيات القرآنية التى تتحدث عن علاقة المسلم بغير المسلم على غير ما تحتمل، ويُنزلون النصوص على وقائع تهدم مقصد النص وتُفسد مآلاته، إضافة إلى تلاعبهم بمسألة الناسخ والمنسوخ فى القرآن، بما يجعلهم ينكرون الكثير من آيات الله فى كتابه بدعوى أنها منسوخة، فيمحون من القرآن ما يخالف معتقدهم وتصوراتهم المشوهة.
وأوضح الرصد أن زيارة البابا فرانسيس إلى القاهرة ولقاء الإمام الأكبر تمثل نقضًا للمعتقدات المتطرفة التى تؤكد أن الصراع وحدَه هو الحاكم للعلاقة بين المسلمين وغير المسلمين، وهو أمر يدحضه - جملة وتفصيلًا - لقاءُ أكبر الرموز الدينية فى العالم فى رحاب الأزهر الشريف وعلى أرض مصر الآمنة، وهو كذلك دليل على قدرة أصحاب الأديان المختلفة على اللقاء والتعايش معًا والتقارب، بل والتعاون والتآلف لتحقيق غايات عمارة الأرض ونهضة الأمم والشعوب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة