د.أيمن رفعت المحجوب

إلى الحكومة.. من يدفع الضرائب!

الجمعة، 28 أبريل 2017 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من المنطقى أن يحاول كل من العارض والطالب فى أى سوق إلقاء عبء الضرائب المفروض عليه على الآخر . فتجد أن العرض ( المنتج ) ، يحاول من ناحية إلقاء عبء الضريبة على المشترى ، وذلك عن طريق رفع الأثمان ، ولكنه مقيد ، فى هذه المحاولة ، بمرونة الطلب على منتجه. كما يحاول الطلب ( المشتري) ، من ناحيته تفادى هذا العبء هو الآخر، وذلك عن طريق تخفيض حجم استهلاكه .
 
ومعنى ذلك إذاً أن موقف كل من العرض والطلب من عبء الضريبة يتوقف على درجة المرونة النسبية لكل منهما . فإذا كان العرض مرنا مرونة لا نهائية وكان الطلب عديم المرونة ، تمكن المنتج من إلقاء عبء الضريبية على المشترى ، وهذه هى الحالة الأكثر انتشاراً فى مصر، حيث إنه فى أغلب السلع يتحمل المستهلك الزيادة السعرية حتى ولو كانت على المنتج ، ولذلك كانت الضرائب غير المباشرة دائماً مجحفة لحقوق الطبقة المتوسطة والفقيرة فى مصر.
 
ولكن إذا كان الحال أن العرض عديم المرونة وكان الطلب مرنا مرونة لا نهائية ، لتمكن الطلب من تفادى عبء الضريبة ، ولا استقر عبء الضريبة بصفة نهائية على المنتج ، وهذا نادراً ما نراه فى مصر إلا فى منتجات قليلة جداً وعادة ما تكون سلعا كمالية وليست أساسية ، بحيث إنها لا تمس الطبقة العريضة من الشعب المصرى ولا تدخل فى حسابات التأثير على دخولهم النقدية أو حتى فى التاثير على القوى الشرائية للنقود من خلال الآثار التضخمية ( مثل السلع ذات الرفاهية العالية والتى لا يستخدمها أكثر من 2% من تعداد سكان مصر) .
لكن  وفى العموم ولكى يفهم القارئ التأثير النسبى ببساطة لمرونة العرض والطلب على نمط استهلاكه وحياته اليومية ، هو أنه كلما ارتفعت درجة مرونة العرض بالنسبة لدرجة مرونة الطلب ، زاد  الجزء من عبء الضريبة الذى يتحمله المشترى (وذلك لأنه مضطر لشراء المنتج حيث لا يوجد له بديل فى الأسواق) وهذا ظلم للمستهلك. والعكس صحيح ,  وعلى ذلك يمكن أن نخلص إلى أن العبء النقدى للضريبة المفروضة على سلعة ما ( أو على دخل المنتج والذى يضيفه إلى ثمن السلعة فى محاولة لإلقاء العبء على المستهلك) ينقسم بين المنتج (البائع) والمشترى تناسبياً حسب درجة مرونة عرض السلعة للطلب عليها.
 
ومن هنا يتضح لنا أن " راجعية الضريبة " مسألة عسيرة القياس ، كما أنها تختلف تبعاً لنوع السلعة ونوع الضريبة . ومعنى ذلك أن أثر الضرائب المختلفة على الدخول ليس واحداً ، وعليه لا يمكن أن نقر قاعدة عامة لراجعية الضريبة . ولا شك أن هذا يعقد مشكلة حساب الأعباء الضريبية الحقيقية على المواطن . وأمام هذا الوضع يجب علينا أن نفرق بين مختلف أنواع الضرائب ودرجات مرونة العرض والطلب للسلع المطبقة عليها ، حتى يمكننا تحديد الأعباء الضريبية لكل مواطن أو لكل فئة اجتماعية ، وإلا سقط منطق "العدل الضريبى فى مصر"
 
ومع ذلك يمكن أن نؤكد بصورة عامة ، ورغبة فى تبسيط عملية قياس العبء الضريبى على المجتمع ، أن ، الضرائب المباشرة تنتج آثارها التوزيعية ، بصفة أساسية ، من خلال التأثير المباشر فى الدخول النقدية ، بينما الضرائب غير المباشرة تنتج الآثار بصفة أساسية من خلال التأثير فى أثمان السلع والخدمات . ويلزم عليه أن ننبه الحكومة ومجلس النواب إلى ملحوظة هامة ، وهيما بصدد توزيع عبء الضرائب على فئات المجتمع المختلفة من خلال القوانين القادمة ، حيث تنصرف هذه الملحوظة إلى ضرورة استبعاد الضرائب التى تحملتها الهيئات الحكومية (بصفة نهائية) من تلك الحسابات ، لكى يكون التوزيع الضريبى عادلاً.
وفى النهاية وكما أوضحت أن راجعية الضريبة عملية معقدة وقياسها ليس باليسير ، وعليه يجب على واضع الضريبة سواءً فى وزارة المالية أو فى مجلس النواب، مراعاة العبء النهائى للضريبة سوف يؤول إلى من ، فليس كل المعنى بالضريبة قانونا يتحملها كما سبق بيانه ، وقد يكون فى هذا ظلم لفئة مجتمعية ( الفقراء ومحدودى الدخل) ولصالح فئة مجتمعية أخرى( الأغنياء والطبقة فوق المتوسطة) ، وهو الأمر الذى لا يجب أن يحدث فى مصر الجديدة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة