يبدو أن البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، خاض حربًا ضروسًا خلال الفترة الماضية، لتمرير الاتفاق الذى شهده لقاء قداسته والبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، للاعتراف بمعمودية الكنائس الأخرى، وتكتسب أسئلة: كيف أقنع البابا المصرى المجمع المقدس بالفكرة؟ وما معناه؟ وما الآثار المترتبة عليه؟ أهمية لدى القارئ المتابع وغير المتابع.
وكان البابا تواضروس الثانى وبابا الفاتيكان فرانسيس الأول، وقعا يوم أمس بالقاهرة اتفاقًا تاريخيًا حول سر المعمودية، ويقضى الاتفاق باعتراف الكنيسة المصرية بمعمودية الكنائس الأخرى. ويظن كثيرون أن بهذا التوقيع انتهى الخلاف الكاثوليكى الأرثوذوكسى عقائديًا!!
أولًا، ما معنى اعتراف الكنيسة المصرية بمعمودية الكنائس الأخرى؟ يستلزم الإجابة على هذا السؤال معرفة سر المعمودية بالمسيحية وأهميته. فهى عملية تتمثل فى تغطيس «المؤمن» فى الماء باسم الآب والابن والروح القدس، أى شخص يعتنق المسيحية لابد إذن من تعميده كفعل رمزى على الإيمان بيسوع المسيح، أو بالاتحاد معه فى دفنه وموته وقيامته. وكانت الكنيسة المصرية لا تعترف بمعمودية الكنائس الأخرى، وتلزم المسيحى الذى يتحول إليها من أى كنيسة أخرى بإعادة التعميد وفقًا لطقوسها، لكن وبعد هذا الاتفاق يمكن لأى كاثوليكى أن يتحول للأرثوذوكسية المصرية دون أن يتطلب منه إعادة التعميد.
لم يكن الاتفاق الكنسى بين كنيستين تاريخيتين وليد لقاء يوم أمس، ففى 2013 زار البابا تواضروس الثانى مقر البابوية الكاثوليكية، ودارت مفاوضات حول إمكانية الاعتراف بمعمودية الكاثوليك، وعقب عودته إلى مصر شكّل بطريرك الكرازة المرقسية لجنة لدراسة الفكرة، وبدا البطريرك 118 ميالًا للطرح، وإلى أبعد من ذلك، إذ تطرقت اللجنة إلى بحث إمكانية توحيد عيد الميلاد بين الكنيستين القبطية والكاثوليكية ليكون يومًا واحدًا فى الشرق والغرب، وقتها نوه البابا لرغبته فى توحيد عيد الميلاد.
بيّد أنّ المجمع المقدس لم يكن مرحبًا بالطرح، فحسب التقارير الإعلامية التى اهتمت بالمسألة وقتها، فضل أعضاء المجمع التمسك بتقاليد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فيما يتعلق بتاريخ عيد الميلاد، ورفض الاعتراف بمعمودية الكاثوليك بسبب اختلافات كثيرة بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية. ليبقى سؤال كيف أقتع البابا أعضاء المجمع المقدس بالطرح؟ مشروعًا، ولا يجيب عليه سوى البابا نفسه، وتبقى أى إجابة مجرد تخمينات لا أكثر.
وتختلف طرائق ممارسة سر المعمودية بين الكنيستين الأرثوذوكسية والكاثوليكية، فالأخيرة تكتفى بسكب طبق صغير على رأس الشخص، أما الأرثوذوكسية لا تستخدم الرش على الإطلاق بل بالتغطيس باسم الآب والابن والروح القدس.
نعم، اتفاق الكنيستين لا ينهى الخلافات العقائدية بين الملتين، وفى الوقت ذاته خطوة كبيرة على طريق التقارب المسيحى المسيحي، وبوصف صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية فإنه يعد حجر أساس لتعزيز وحدة الكنيستين اللتين انفصلتا فى القرن الرابع الميلادي، وتبقى خطوة توحيد عيد الميلاد علامة أخرى وفاصلة فى تاريخ المسيحية، وستجيب الأيام عنها.
عدد الردود 0
بواسطة:
شارلي
الحق
كل منا يمتلك الحق والحق ليس فينا الكل كامل وهوي نقص الكل عارف اذن سرنا جوهلا ارحمنا يارب الجميع