مؤخرًا تم كشف النقاب عن كم هائل من العنف الموجه ضد الأطفال، وبالطبع كل ذلك ليس جديدا على المواطن المصرى ولا مفاجئا له، بل موجودا طوال الوقت، لكن انتشاره وتصويره وإذاعته على مواقع التواصل الاجتماعى وفى البرامج الفضائية هو ما جعلنا نتنبه للتعذيب والقهر الذى يتعرض له الطفل من أسرته أو من المقربين منه والمحيطين به، وعلينا أن نقول: إن انتشاره بهذا الشكل الكبير داخل الأسر باختلاف مستوياتها الاجتماعية أصبح خطرا يتطلب التدخل السريع والحاسم من الجميع.
تقول الأم المتهمة بتعذيب ابنتها فى مدينة السلام أمام النيابة: «ضربتها عشان ما تعملش حمام على نفسها تانى ومعظم الأمهات بتعمل كده.. أنا سخنت سكينة وحرقتها بين فخديها وعند مؤخرتها لكن حكاية حرق راسها بالمكوة معرفش عنها حاجة».
لا أعرف كيف فعلت هذه المرأة التى تدعى أنها الأم ذلك، وهى تنظر فى عينى طفلتها الباكية، وكيف فكرت فى وضع «سكين» على النار، وانتظرت حتى «تسخن» ثم اقتربت بها من جسد الطفلة وأطفأتها فيها؟
أين كان قلبها وأين كانت فطرتها التى تجعلها تحب طفلتها فتعذرها وتبحث عن حلول أقل وطأة ودون عنف؟
كيف بكت الطفلة وامتلأ وجهها بالدمع، ومع ذلك لم يلن قلب الأم ويتراجع عقلها الغشيم عن ارتكاب جريمته، ويفكر فى ضعف الطفلة وقلة حيلتها، مهما كانت شقاوتها أو ما ترتكبه من أفعال.
فمهما كانت الظروف المحيطة وصعوبتها، لا يوجد ما يدفعنا لارتكاب العنف ضد الأطفال بهذا الشكل المتطرف، وعلى علماء التربية أن يتدخلوا بقوة فى هذه اللحظة، ليكشفوا للجميع أن تربية الأطفال ليس لها علاقة بكل ما يحدث من جرائم ترتكبها الأسرة فى حقهم.
للأسف أصبح الطفل فى كثير من الأسر موضع تنفيس للضغط العصبى الذى يعيش فيه الأب والأم، فالحياة بقسوتها لا ترحمهما، وهما لا يدركان أن أبناءهما لا ذنب لهم فى شىء مما يحدث، وأن الطفل من حقه اللعب واللهو وارتكاب الأخطاء بل وتكرارها.
وهنا، واجب علينا أن نرد على السيدة المتهمة بتعذيب ابنتها ونقول لها: «ليست كل الأمهات يفعلن ذلك»، بل فى الوقت نفسه الذى نشاهد قسوة البعض، نرى ونلمس رحمة ولين الأكثرية، لا تزال فطرة الأمهات سليمة، يعرفن كيف يعاملن الصغار، ويحققن نجاحات فى تربيتهم بكل حب ورعاية واهتمام، وليس بالقسوة والعنف.
كما نطالب الدولة بالقيام بدورها فى حماية الطفل، حتى من أهله، وسن القوانين المناسبة لذلك، فنحن لا نريد جيلا قادما من المعذبين فى الأرض.