تراشق وسجال وكشف للمستور، أبرز ما تميزت به أول مناظرة انتخابية لانتخابات الرئاسة فى إيران المقررة فى 19 مايو المقبل، حيث شهدت سجالا حادا بين ممثلى تيار الاعتدال والإصلاحيين الرئيس الإيراني حسن روحانى ونائبه إسحاق جهانجيرى من جهة، ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، أحد مرشحي التيار المحافظ للانتخابات الرئاسية.
وتناولت المناظرة عددا من القضايا الاجتماعية والثقافية، أبرزها موضوع البطالة والسكن والزواج، وحدث ما كان يتوقعه، وحذرت منه المراجع الدينية قبل ساعات من المناظرة ألا وهو عدم "تشويه النظام" خلال النقاشات فى المناظرة، حيث آلت النقاشات الحادة بين المرشحين الست إلى اثارة قضية اقتحام سفارة السعودية فى طهران، حيث حمل نائب روحانى، الذى لمع نجمه وخطف الأضواء أمس، المرشحين الأصوليين بمسئولية مهاجمة السفارة السعودية، ما أثر بالسلب على القطاع السياحى، وخسر 700 ألف سعودي من المجىء إلى مدينة مشهد الدينية.
كما شهدت المناظرة تراشقا بين المرشح المعتدل حسن روحانى ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، وشن الأخير هجوما حادا علي حكومة روحانى، قائلا "ينبغى رفع الدعم الحكومى للمهمشين"، وخاطب مرشح التيار الأصولي روحانى قائلا: "أنت لست بين الناس وتعدهم بإحداث تغيير في غضون 100 يوم".
وعلق الباحث الدينى والصحفى الايرانى فى شئون ايران الثقافية والسياسية والشرق الأوسط العربى "محمد جواد أكبرين"، فى تصريح لـ"اليوم السابع"، قائلا "فوجئنا بالمواقف التى اتخذها جهانجيرى خاصة بعد سنوات من حظر داخل إيران شمل الأحزاب الإصلاحية".
وأكد أكبرين، أن نائب روحانى نجح فى كسر الحصار على الخطاب الإصلاحى فى التلفزيون الحكومى طوال السنوات الأخيرة؛ الحصار الذى وصل إلى منع الأجهزة الأمنية الرئيس الأسبق محمد خاتمى من بعض نشاطاته السياسية والثقافية ومنع نشر صورته فى الإعلام، وإن فاز فى دعوة المشاركة فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة التى انتهت بفوز الإصلاحيين وهزيمة المحافظين.
ولفت إلى أن الصراحة التى أظهرها جهانجيرى، فى المناظرة الأولى ضد التيار المحافظ والمتشدد، ستغيّر المشهد السياسى لصالح روحانى أكثر فأكثر مع أنه سوف ينسحب لصالح رئيسه.
وقال الصحفى الإيرانى الإصلاحى، :" أتوقع أن نرى خطابين بين التيارين المتنافسين حول رؤيتهما الاقتصادية والسياسية والثقافية فى المناظرات المقبلة، لأن التنافس الحقيقى بين التيارين ليس فى السباق الانتخابى فقط، هناك تنافس وتباين أكثر وأكبر من الانتخابات فى إيران".
وأوضح أن فى المناظرات، ثلاثة من المرشحين يمثلون التيار الإصلاحى والاعتدالى وهم الرئيس روحانى و نائبه اسحاق جهانجيرى و هاشمى طبا (نائب الرئيس السابق فى عهد الرئيس خاتمي)، و فی الجهة المقابلة ثلاثة يمثلون التيار المحافظ و المتشدد و هم إبراهيم رئيسى (رئيس العتبة الرضوية) وباقر قاليباف (رئيس بلدية طهران حاليا و كان من قادة الحرس الثورى سابقا) و مصطفى ميرسليم (الوزير السابق)، و الأخير ليس متشددا لكنه ترشح من جانب أقدم التيارات المحافظة فى البلاد المسمّى بالمؤتلفة الإسلامية.
وتابع أكبرين :"التيار الأول يدافع عن الحرية السياسية والاقتصادية و الثقافية والاجتماعية، بينما يعتقد الثانى أن الحرية فى جميع الساحات محدودة بإرادة الولى الفقيه"، مشيرا إلى أن التيار الأول يدافع عن العلاقات الخارجية الواسعة حول المصالح الوطنیة فقط دون التحديدات الايديولوجية و لايستثنى الولايات المتحدة كما ينتقد هذا التيار عقود قطعِ العلاقات بين البلدين و يبحث أيضا طريقا للخروج عن المأزق السورى، بينما يعتقد الثانى أن أمريكا هى العدو الأكبر و يحسب تورطه فى حروب المنطقة امتدادا للثورة و دفاعا عن المقدسات الطائفية.
ويرى محمد جواد أكبرين، أن قاليباف أهم من رئيسى فى هذه المعركة فالأخير ليس المنافس الأصلى للرئيس روحانى، لأن رئيسى لايتمتع بخبرة إدارية و رئاسية، وكان دائما فى المناصب القضائية خلافا لما يعرفون الناس عن قاليباف ورئاسته لبلدية طهران طوال السنوات الماضية.
وأكد الباحث والصحفى الإيرانى، أن روحانى بإمكانه أن يعول على نجاحه فى الملف النووى و العقوبات المرتبطة بالملف و فتح الفرص الاقتصادية للبلاد، أما المرشح المتشدد يجب أن يجيب على سؤال الناس وهو: "كيف نطمئن ألا نعود إلى عهد العقوبات بسياساتكم المتشددة؟ والجواب ليس سهلا".
ويتوقع أكبرين عدم انسحاب أيا من المرشحين المحافظين لصالح أحدهما، قائلا "أعتقد أن كلا منهم جاء ليأخذ قسما من أصوات روحانى حتى لا يفوز فى جولة واحدة، وحال انسحاب أحدهما لصالح الآخر لن يصل أصواته إلى المرشح المنسحب نتيجة الخلافات العميقة فى المعسكر المحافظ والمتشدد و مناصريه، فيبقى كل واحد منهم حتى الساعة الأخيرة".
وقال البحث الإيرانى، إن خسارة "رئيسى" لا تعنى خسارته فى المستقبل إذا نقبل بصحة توقع خلافته لمنصب الولاية، لأن مجلس خبراء القيادة لا يعمل متلائما مع أصوات الأكثرية كما رأينا فى بياناتهم السياسية المضادة مع نتائج انتخابات البرلمانية التى فاز خلالها التيار الإصلاحى و المعتدل، لكنه سیتعرض لضغوط كثيرة من قبل الرأى العام إذا خسر المعركة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة