كيف يرانا الآخرون؟
مصر أم الدنيا، كما قال البابا فرانسيس، احتضنت العائلة المقدسة، فهى بلد السلام وحاضنة الأديان، واختار الله العلى القدير مصر بالذات، وليس غيرها من البلاد، لتكون أمنًا وسلامًا على السيد المسيح والسيدة مريم ويوسف النجار، «قم وخذ الصبى وأمه واذهب إلى قلب مصر»، هربًا من بطش الرومان، وجاءت العائلة المقدسة من فلسطين إلى قلب الصعيد، وتركت فى كل منطقة حلت بها علامات مباركة، جسدت قيم التسامح والمحبة والأخوة بين المصريين منذ آلاف السنين، شعب يحتوى الجميع ويذيب التناقضات، ويتوصل إلى صيغ فريدة فى التعايش المشترك.
مصر على رأس الدول التى تواجه الإرهاب، ويجب على الجميع التضامن معها، هكذا قال البابا فرانسيس، موجهًا رسالة قوية للدول الراعية والداعمة والمتخاذلة مع الإرهاب، وفى كلماته عبارات أخرى تحذر وتنبه، فإذا ترك العالم مصر الآن فلن ينجو غدًا، وبابا الفاتيكان قال كلمات حادة كالسيف، لمواجهة وباء الإرهاب الذى يهدد البشرية، داعيًا إلى مساندة مصر والتضامن معها، مما يؤكد أنه يتابع الموقف باستمرار، ويعرف جيدًا تفاصيل الحرب الشاملة، التى تخوضها مصر ضد الإرهاب، ويوجه رسالة للدول الغربية، بأن الخطر لن يترك أحدًا.
مصر كما يراها الآخرون.
يرى العالم مصر بأنها دولة جادة، فى إعادة بناء نفسها بالمشروعات الكبرى، ونشر السلام والحرب ضد الإرهاب، وهى ثلاثة معارك رئيسية تخوضها البلاد فى وقت واحد، ويربط بينها جميعًا استشراف المستقبل، بإعادة بناء الدولة اقتصاديًا بالمشروعات العملاقة، لتوفير حياة كريمة وخلق فرص عادلة، ونشر السلام الذى يحمى التنمية، يحصن البلاد من ويلات الحروب والصراعات المسلحة، والتصدى للإرهاب عدو البشرية الأول.
البابا فرانسيس يستوعب ما يجرى فى مصر، أكثر من بعض المصريين، ولم يأتِ إلينا مرددًا بعض الدعوات والصلوات، متخذًا من قلب القاهرة منصة عالية، لإطلاق رسائله النبيلة فى كل اتجاه، ولم يأبه بمحاذير أو تحذيرات حتى يلغى الزيارة أو يؤجلها، بأكاذيب المخاطر الأمنية، لكنه كان واثقًا من أن الدولة القوية قادرة على إنجاح الزيارة، وتجول قداسته فى عديد من الأماكن، ليتأكد بنفسه أن البلد آمن ومستقر، وأن الدعاية الكاذبة عن تدهور الحالة الأمنية، لا أساس لها من الصحة.
كيف نرى أنفسنا؟
من بيننا مصريون يحملون الجنسية وبطاقات الهوية المصرية، لكنهم يضمرون لبلدهم شرًا، وأكثر قسوة وعداء للوطن الذى يحتويهم وتربوا فيه، ولا يتركون لحظة إلا ونفثوا سمومهم وأحقادهم، وعلى رأسهم جماعة الشر الإخوانية، التى عبأت كل إمكانياتها لإفساد الزيارة، ولما فشلت سخرت كل وسائلها الإعلامية، إما لتشويهها أو للتقليل منها، وعز عليهم أن تسترد مصر مكانتها الدولية بثقة واقتدار، فكلما علا شأن مصر تدهور وضعهم، وكلما ارتفعت رايتها انخفضت راياتهم، وكلما عظم شأنها انحط شأنهم.
البابا فرانسيس ووراءه مئات الملايين من البشر، يرون مصر التى أنقذت العالم من المجاعة فى زمن يوسف، قادرة الآن على إنقاذ العالم من مجاعة المحبة والأخوة، ويقصد البابا الكراهية وعدم قبول الآخر، وكلماته تشريف لمصر وثناء على دورها من القدم وحتى الآن، وأن هذا الشعب الذى أنقذ العالم من المجاعة، لديه القدرة على إنقاذه من مجاعة العقول وليس البطون، وأن الحضارة المصرية الراسخة تستطيع أن تشع نورًا، يهتك الظلمات ويضرب الكراهية، ويعلى شأن التسامح والمحبة والتعايش الآمن، ويرى البابا بلدنا قادر على ذلك.
كيف يرانا الآخرون؟
لدينا دولة وشرطة وجيش قادرين على حماية أبناء الوطن، وجهودهم تستحق التقدير والاحترام، هذا ما قاله البابا فرانسيس، وهى شهادة حق من زعيم دينى يتبوأ الصدارة فى العالم المسيحى، وكأنه يعيش فى منطقتنا ومهموم بمشاكلنا، ونفد إلى قلب معادلة حماية الوطن بمكوناتها الأربعة، الشعب والدولة والجيش والشرطة، والمؤكد أن البابا لا يذكر ذلك مجاملة أو احتفائية، وهو يرى مصر الدولة الوحيدة الت لم تنهار أمام دوامات الجحيم العربى، ووقفت على أقدامها، وأعادت بناء مؤسساتها، وتخوض معركتين شرستين فى وقت واحد «الإرهاب والتنمية»، بينما دول حولنا لا تزال فى آتون الصراع.
كيف نرى أنفسنا؟
البعض منا لا يرى فى بلده شيئًا جميلًا، ويعمد تشويهها، وإنكار الجهود المبذولة لنهضتها، ولا يرى إلا سوادًا وإظلامًا، محاولًا المساس بالروح المعنوية للمصريين، وضرب قدرتهم على التحمل والصمود، فى ظل الطروف الصعبة والتحديات المصيرية التى تواجه البلاد، بسبب تراكمات السنين وعدم القدرة على المواجهة، وإهمال جراحات الإصلاح الضرورية، وهو ما تفعله مصر الآن لعلاج أخطاء الماضى، وإعادة بناء الحاضر والمستقبل.
لدينا دولة عقدت العزم على قهر المستحيل، وتسابق الزمن لإصلاح كل الأوضاع، ولا يخفى الرئيس على الناس حقيقة التحديات وصعوبتها، ويطلب منهم الصبر والتحمل، مؤكدًا أن غدًا سيكون أفضل، وهذا هو سر انفعاله الشديد فى مؤتمر الشباب بالإسماعيلية، لا يروج لأحلام وردية ولا يسوق شعارات براقة، وإنما يصارح الناس، ويوضح لهم كيفية الخروج من النفق المظلم، وغالبية المصريين يثقون فيه ويقدرون جهوده وإخلاصه وصدقه، واحترام العالم لمصر ودورها ومكانتها.
كيف نرى أنفسنا وكيف يرانا العالم؟ ارفعوا وطنكم فوق الأعناق.