بدأت بعثة صندوق النقد الدولى، زيارتها اليوم، الأحد، إلى مصر، وسيجرى وفد صندوق النقد الدولى محادثات مع وزارة المالية ومسئولى البنك المركزى خلال الزيارة، التى من المقرر أن تنتهى فى 11 مايو، وسيناقش البنك المركزى الإجراءات التى اتخذها الحكومة المصرية تنفيذا لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد.
ومن المتوقع أن تشمل النقاشات أفضل السبل للحد من التضخم، تزامنا مع تصريحات من كبار مسئولى صندوق النقد الدول، أكدت ضرورة قيام صناع السياسات بمعالجة التضخم كأولوية، حيث سبق أن قال جهاد أزعور، رئيس صندوق النقد الدولى لمنطقة الشرق الأوسط، أن أسعار الفائدة هى "الأداة الصحيحة" للحد من التضخم، وقد أثارت هذه التصريحات، التكهنات بأن صندوق النقد الدولى يوصى بأن ترفع مصر أسعار الفائدة مرة أخرى، بعد تسارع التضخم إلى أكثر من 30% بعد قرار البنك المركزى بتعويم العملة فى نوفمبر الماضى.
ورفع البنك المركزى فى 3 نوفمبر الماضى أسعار الفائدة الاساسية بمقدار 300 نقطة مئوية، فى أعقاب تحرير سعر الصرف، وأعقبها قرار البنكين الأهلى ومصر بإصدار شهادات ادخار مرتفعة العائد بسعر فائدة 16 و20%، جذبت نحو 400 مليار جنيه حتى الآن.
ولكن هل من المناسب تطبيق هذه التوصية فى الوقت الحالى؟ أم هذا الحل فى مواجهة ارتفاع التضخم لا يتماشى مع الأوضاع الاقتصادية الحالية بمصر، ويجب البحث عن حلول أخرى؟، هذا ما سيجيب عليه التقرير التالى من خلال أراء عدد من الخبراء الاقتصاديين والذين يوضحون مدى مناسبة الوقت الحالى لتطبيق توصية صندوق النقد أم من الأصلح تأجيلها.
هانى توفيق: علاج "التضخم" فى مصر لا يناسبه رفع سعر الفائدة
ويقول الخبير الاقتصادى هانى توفيق رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر سابقاً، إن ما يوصى به صندوق النقد الدولى من رفع لسعر الفائدة حاليا فى مصر عما هى عليه، غير مناسب تنفيذه فى الوقت الحالى، واصفا روشتات صندوق النقد فى علاج الأزمات الاقتصادية بـ "الكلاسيكية"، التى لا تناسب الأوضاع السياسية فى كثير من الأوقات.
وأضاف توفيق لـ"اليوم السابع" أن رفع أسعار الفائدة لن يعالج التضخم الموجود فى مصر حاليا، خاصة أن أسباب التضخم فى مصر ترجع إلى ارتفاع سعر الدولار وزيادة تكلفة إنتاج السلع مما أدى لارتفاع أسعارها، موضحا أن الدول تلجأ لرفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، عندما يكون التضخم حادث لديها نتيجة انتعاش اقتصادى وزيادة الطلب.
وأشار الخبير الاقتصادى إلى أنه بالنسبة لوضع التضخم فى مصر، هناك حلول أخرى خلاف رفع سعر الفائدة الذى إذا تم تطبيقه بالفعل سيؤدى لمزيد من الركود التضخمى فهو ليس الحل الأمثل فى الوقت الحالى، وإنما من الممكن مواجهة ارتفاع التضخم بوسائل أخرى مثل تقليل الاستيراد، رفع الجمارك وغيرها من الحلول الاقتصادية.
رئيس قطاع البحوث بـ"فاروس": رفع سعر الفائدة يزيد الدين العام ويؤثر سلبا على الاستثمار الأجنبى
ومن جانبها قالت رضوى السويفى، رئيس قطاع البحوث فى بنك "فاروس" للاستثمار، إن الوضع الاقتصادى للدولة حاليا لا يحتمل رفع سعر الفائدة عما هى عليه الآن، خاصة فى ظل بدء انحسار معدل التضخم الشهرى، علاوة على أن سببه لا يعود إلى ارتفاع الطلب عن العرض، ولكن بسبب ارتفاع التكلفة على المصنعين، التى تمرر هذا الارتفاع للمستهلك.
وأضافت "السويفى" أن القيام برفع سعر الفائدة لن يكون له نتائج إيجابية فى الوقت الحالى، بل سيترتب عليه آثار سلبية أهمها تراجع الاستثمار الأجنبى فى أذون الخزانة، خاصة أن الأجانب يستثمرون حاليا فى أذون الخزانة بسبب ما يرونه من سعر مناسب فى سعر الفائدة الحالى، علاوة على ما ستسبب فيه من زيادة عجز الموازنة فى بند "خدمة الدين".
وأوضحت رئيس قطاع البحوث فى بنك "فاروس" للاستثمار، أن الحل الأمثل حاليا هو الإبقاء على السعر الحالى للفائدة والذى يعتبر مرتفعا بالفعل، وليس رفعه أكثر من ذلك، وذلك لحين تراجع الموجة التضخمية، والسيطرة على ارتفاع الأسعار فى السوق المصرى.
فخرى الفقى: يجب أخذ توصيات صندوق النقد فى الاعتبار ودراسة كيفية تطبيقها
واختلف الدكتور فخرى الفقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، ومساعد المدير التنفيذى السابق بصندوق النقد الدولى، مع الآراء السابقة، حيث يرى أنه من الضرورى أخذ توصيات صندوق النقد الدولى فى الاعتبار، حتى لا تحدث أى تأخيرات فى صرف الشرائح المالية المقررة للدولة من قبل الصندوق.
وقال الفقى إنه يجب دراسة هذه التوصيات وكيفية تطبيقها، أو اقناع الصندوق برؤية الدولة حول عدم التطبيق، لافتا إلى أن رفع سعر الفائدة يمكن تطبيقه فى الوقت الحالى ولكن مع عدة إجراءات احترازية، خاصة أن رفع سعر الفائدة قد يتسبب فى رفع الدين العام وهو ما يستوجب على وزارة المالية أن يكون لديها رؤية وحلول جاهزة لتعويض هذا الأمر فى الموازنة العامة للدولة حال تطبيق توصية صندوق النقد.
وأرجع أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أسباب توصية صندوق النقد الدولى لمصر برفع سعر الفائدة، هو القلق لدى الصندوق من معدلات التضخم المرتفعة، لذا أوصوا بأحد أساليب السياسة النقدية "رفع سعر الفائدة" لامتصاص مزيد من السيولة النقدية حتى لا يزيد الطلب ويؤدى لمزيد من التضخم، خاصة أن رفع سعر الفائدة سيشجع على الادخار وتقليل الاستهلاك للمواطنين، وهو ما يقلص من معدلات التضخم.
وأشار الدكتور فخرى الفقى إلى ضرورة إسراع الحكومة فى تنفيذ إجراءاتها الإصلاحية تجاه الأمور التى لا تزال تثير قلق صندوق النقد الدولى تجاه مصر، التى يتمثل أهمها فى خفض دعم الطاقة خاصة المواد البترولية لتقليل عجز الموازنة، والقوانين المتعلقة بالاستثمار ومناخه فى مصر، وذلك حتى لا يحدث انسحاب أو تأجيل للشرائح المالية للقرض الذى يقدمه الصندوق.
ويتوقع الفقى أن يقوم البنك المركزى بدراسة ومناقشة ما أوصى به الصندوق من رفع لسعر الفائدة خلال اجتماع السياسة النقدية المقرر انعقاده يوم 18 مايو المقبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة