لن نفعل شيئا جديدا ما دمنا نفكر بطريقة قديمة، تلك هى القاعدة التى تغيب عن الجميع، وقد قلت سابقا إنه منذ يناير 2011 تعاقب على حكم مصر أكثر من عشر حكومات، وشغل أهم المواقع التنفيذية مئات الوزراء والمحافظون والمسؤولون «الكبار»، بعض هؤلاء المسؤولين لم يكمل الأسبوع فى وظيفته، وبعضهم لم يكمل الشهر، وغالبيتهم لم يكملوا سنة واحدة، فكلهم، وفقًا للواقع، مسؤولو «تسيير أعمال»، فأى مسؤول من هؤلاء المسؤولين لم يستطع صياغة ميزانية موقعه، وبالتالى لم يخطط لإقامة مشروع واحد، وحتى لو فرضنا أن هذا المسؤول أو ذاك استطاع التخطيط لإقامة مشروع كبير، وهذا غالبا لم يحدث، فمن النادر أن يكون قد مكث فى وزارته ليفتتح مشروعه، وفى الغالب تكون هذه المشاريع ليست من بنات أفكار الوزير أو المسؤول، وإنما كانت موضوعة فى خطة الوزارة السابقة وجاهزة على التنفيذ، فوجدها هذا المسؤول، فقال «هيا» ووقع على ورقة تافهة تأمر بالبدء فيه، وبسبب هذه الـ«هيا»، وهذا التوقيع ظن أنه حفر تاريخا لنفسه!
أعرف مسؤولا سابقا فى وزارة الثقافة لم يكن قد استلم بعد خطاب تعيينه فى منصبه، و«أدبيا» تمت دعوته لافتتاح منشأة ثقافية تابعة للموقع الذى شغله، وكان قد انتهى العمل فيها منذ أيام الوزير الأسبق «فاروق حسنى»، وحينما ترك هذا المسؤول منصبه أصدر بيانا ليعدد إنجازاته فإذا به يضع هذه المنشأة ضمن إنجازاته دون أن يحمر وجهه خجلا أو يشعر بفداحة أكاذيبه على نفسه وعلى التاريخ، وأعرف مسؤولا آخر ظل يلهث حتى يفتتح مشاريع كبرى، ومن أجل هذا ارتكب العديد من الأخطاء الفنية فى «تشطيب» المشاريع التى كانت موجودة قبل مجيئه، فكل همه كان وضع لوحة رخامية على مداخل المنشآت محفور فيها اسمه، لكن بعد أن ترك هذا المسؤول وظيفته التى لم يشغلها لأكثر من ثلاثة أشهر اكتشفنا العيوب الفنية القاتلة.
من أجل هذا أقترح أن ننشئ صندوقا لتمويل 100 لوحة رخامية لكل مسؤول، وعلى كل لوحة إنجاز كبير يليق بعبقريته الفذة، ونسلم هذه اللوحات لكل مسؤول فى أول أيام تولى عمله حتى يهدأ ويطمئن ويبدأ فى العمل الحقيقى، فالإنجاز، من وجهة نظرى، هو «إضافة» شىء حقيقى إلى حياتنا العملية، ولا تأتى هذه الإضافة إلا من خلال «خطة» يعرضها المسؤول على الرأى العام فى بداية توليه لموقعه، موضحا أسباب تبنيه لهذه الخطة وأهدافها ودرجة أهميتها ومراحل تنفيذها وطرق تمويلها، والسقف الزمنى المفترض للانتهاء منها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة