الفريق أحمد شفيق، أحد أبرز أركان نظام مبارك، الخاسر فى انتخابات الرئاسة 2012 أمام محمد مرسى العياط، ألمح بشكل صريح أنه سيخوض انتخابات الرئاسة 2018، مؤكدًا أنه سيعلن القرار بنفسه، ولن يفوّض أحدًا بالإعلان.
البعض يرى أن من حق أحمد شفيق الذى قفز من سفينة الوطن فى أحلك ظروفها، وهرب متوجهًا لدولة الإمارات الشقيقة، أن يخوض انتخابات الرئاسة، فى حين يرى فريق ثانٍ أنه ليس من حقه خوض أى استحقاقات انتخابية لثلاثة عوامل جوهرية:
الأول أنه هرب خوفًا من بطش الإخوان، بعد إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية بفوز مرسى العياط بساعات قليلة، متذرعًا بأنه سيؤدى «العُمرة»، وهى أطول «عُمرة» عرفها التاريخ، حيث استمر يؤدى طقوسها فى الخارج قرابة 5 سنوات، ومستمر حتى الآن.
الثانى أن الرجل ينتمى لنظام اندلعت ضده ثورة عارمة، كادت أن تقضى على الأخضر واليابس، لولا العناية الإلهية أولًا، ثم تماسك معظم الشعب المصرى وصموده ثانيًا، ثم دور القوات المسلحة التى حصنت البلاد ضد كل المؤامرات.
الثالث أن الفريق أحمد شفيق بلغ من العمر 75 عامًا، فالرجل من مواليد 25 نوفمبر 1941، فى بلد تنشد الدفع بالشباب لقيادة البلاد فى جميع المناحى.
العوامل الثلاثة كفيلة تمامًا بمنع أحمد شفيق من الترشح، وعليه أن يجلس يتمتع بحياته مع أحفاده خارج مصر، بعد قراره الابتعاد عن المشهد السياسى الداخلى فى مصر بإرادته الحرة الكاملة.
«شفيق» مثل «البرادعى»، الاثنان هربا من مصر فى أحلك الظروف، الأول خوفًا على نفسه من بطش الإخوان، تاركًا البلاد تغرق تحت وطأة ظلام الجماعات الإرهابية، وإعادتها إلى عصور التخلف والرجعية، و«البرادعى» سار على نفس الدرب، فقد قفز من سفينة الوطن عقب فض اعتصام رابعة، مفضلًا الهروب إلى ليالى الإنس والفرفشة فى فيينا، تاركًا مصير المصريين تتحكم فيه جماعات إرهابية أيضًا، ولم يكتفِ بجريمته ويجلس صامتًا، راضيًا بقراره، إنما بدأ يدافع عن الجماعات الإرهابية ضد المصريين.
«شفيق» ركب الطائرة عقب إعلان رسوبه أمام محمد مرسى، وقرر الهجرة لدولة الإمارات الشقيقة، وبدأ مرحلة النضال من الخارج، وفارق شاسع أن تناضل كمشجع فى المدرجات، وأن تناضل وتقاتل فى أرض الميدان بفروسية، متحملًا كل المتاعب والمصاعب.
ومنذ خروجه من مصر، ويومًا بعد يوم يثبت أحمد شفيق أنه «بطل من ورق»، وبعيد كل البعد عما يظنه فى نفسه من فروسية وشجاعة وبطولة، فالمتابع لمواقفه منذ «واقعة الخروج» تحت ستار أنه سيؤدى العُمرة، يكتشف بسهولة مدى عشق الرجل للسلطة، أى سلطة.. الوزارة، رئاسة الحكومة، رئاسة الجمهورية، رئاسة حزب، زعيم كتلة خيالية فى البرلمان، ليس مهمًا أن يكون الفريق صالحًا لتولى كل هذه المناصب أو غيرها، فهذا ما لا يفكر فيه الفريق إطلاقًا، كما لا يجرؤ أى من مساعديه على مصارحته بالحقيقة.
كل ما يفكر فيه «شفيق» أنه بطل خارق ومنقذ، لم تلد النساء مثله، لذلك يستحق مكانة وتقديرًا كبيرًا فى مصر، وأنه كان الأولى برئاسة الجمهورية فى حياة حسنى مبارك عام 2005، وأنه أيضًا كان الأولى بالرئاسة بدلًا من محمد مرسى، وأنه أيضًا يمتلك الكفاءة أكثر من النظام الحالى، وأن صلاحيته ممتدة حتى بعد النظام الحالى، وتصل إلى 2030.
وليس مهمًا أن المصريين الذين ثاروا عليه وهو رئيس وزراء، وأطلقوا حملات السخرية من تصريحاته على مواقع التواصل الاجتماعى، هم أنفسهم من ثاروا على «مرسى» عندما بغى وتجبر، وحاول أخونة البلاد وبيعها بالقطعة لكل من هب ودب.
لا يرى «شفيق» أن مياهًا كثيرة جرت فى نهر السياسة، وأن ثورة كبرى حدثت فى 30 يونيو لها شرعيتها، وأن انتخابات رئاسية جرت تحت سمع وبصر ومراقبة العالم الذى شهد لها بالنزاهة والشفافية، وأن النظام الحالى أعاد كبرياء الوطن، ويدفع به إلى مصاف الكبار، لا يرى كل ذلك ويحاول أن يبحث لنفسه عن دور الزعيم الملهم الذى تنتظره الجماهير، وهو يفعل ذلك بالتصريحات العنترية، والتلميحات التى تثير فضول الصحفيين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى، لكنها لا تحرك شيئًا من اهتمام الناس، ولا تضيف شيئًا للحياة السياسية فى مصر.
«شفيق» مثله مثل «البرادعى» تمامًا، فإذا كان «البرادعى» يتصور أنه بتغريداته الغامضة يزلزل الحياة السياسية فى مصر، وأن رجاله فى الحزب الذى أسسه يستعدون لتشكيل حكومة الظل، فإن «شفيق» يتصور أنه بتصريحاته «الملخبطة» المفرطة فى غرابتها، سيحدث ثورة سياسية فى البلاد، بينما هى تصريحات معبرة عن نوع نادر من جنون العظمة غير المبررة التى يصدقها صاحبها فقط، وهى بالضرورة ستظل صيحات فى الفراغ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة