ألقى الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، اليومَ خطبةَ الجمعة فى أكبر مساجد تايلاند، حيث تناول فى خطبته "قيمة الرحمة والتراحم" فى الإسلام.
وأكد المفتى فى الخطبة أن رسالة الإسلام تنطلق من قيمة عليا تدور حولها الشريعة كلها، وهى الرحمة بخلق الله أجمعين، وهذا ما ذكره القرآن الكريم إذ لخَّص الرسالة النبوية بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّارَحْمَةً لِلْعَالَمِين) [الأنبياء: 107]، فالرحمة هى القيمة العليا السارية فى الخطاب الإسلامى عقيدةً وشريعةً وأخلاقًا.
وأضاف الدكتور شوقى علام أن أول حديث يتعلمه طالب العلم الشرعى هو قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء« (رواه الترمذى وصححه)، مشيراً إلى أن النجاة والفوز والفلاح فى الدنيا والآخرة لن يناله إلا من امتلأت قلوبهم بالحب والتراحم ولين الجانب، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أهلُ الجنَّة ثلاثة: إِمام عادِل، ورجلٌ رحيمُ القلب بالمساكينوبكلِّ ذِى قربى، ورجلٌ فقير ذو عِيال متعفِّف».
كما تحدث المفتى عن الترجمة العلمية للمسلمين لقيمة الرحمة، وكيف حولوها إلى منظومة متكاملة طبَّقوها فى شتى مناحى الحياة: فى الأسرة والمجتمع، وفى المستشفيات، وكذلك فى إنشاء الأوقاف للإنسان والحيوان.
واستعرض نماذج من رحمة النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى ضوء السيرة النبوية المشرفة، فقد كان صلوات الله وسلامه عليه رحيمًا بالصغار، فعن أنس رضى الله عنه قال: دخلنا مع رسول الله على إبراهيم وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله تذرفان، فقال عبد الرحمن بن عوف: وأنت رسول الله؟! فقال: «يا ابن عوف، إنها رحمة»، ثم قال: «إن العين لتدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضيربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون» (رواه البخارى ومسلم.(
بل كان صلى الله عليه وآله وسلم يُقعد أسامة على فخذه ويقعد الحسن على فخذه الأخرى، ثم يضمهما ويقول: «اللهم ارحمهما فإنى أرحمهما».
وعن رحمة النبى بالضعفاء ذكر فضيلة المفتى حديثًا عن أبى مسعود البدرى الأنصارى رضى الله عنه قال: "كنت أضرب غلامًا لى، فسمعت من خلفى صوتًا: «اعلم أبا مسعود، لله أقدر عليك منك عليه»، فالتفتُّ فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: يا رسول الله، هو حُرٌّ لوجه الله، فقال: «أما لو لم تفعل للفحتك النار –أو- لمستك النار» (صحيح مسلم).
وأشار مفتى الجمهورية فى خطبته إلى أن رحمة النبى صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن فقط لبنى الإنسان، ولكنه كان رحيمًا بالبهائم أيضًا، فقد دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حائطًا [بستانًا] لرجل من الأنصار، فإذا جمل، فلما رأى النبى صلى الله عليه وآله وسلم حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبى صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه فسكت، فقال: «مَن رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟» فجاء فتًى من الأنصار فقال:لى يا رسول الله. فقال: «أفلا تتقى الله فى هذه البهيمة التى ملَّكك الله إياها، فإنه شكا إلى أنك تجيعه وتُدئبه» (رواه أبو داود).
وأضاف أن رحمة النبى صلى الله عليه وآله وسلم تخطَّت كلَّ هذا لتصل إلى أعدائه من قريش وأهل مكة الذين آذَوه وعذبوا أصحابه، ومع ذلك لم يدعُ عليهم، ولكنه قال: «بل أرجو أن يُخرج اللهُ من أصلابهم مَنيعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا» (رواه البخارى ومسلم).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة