أكرم القصاص - علا الشافعي

الشيطان يدنس البراءة.. تحليل تقارير 3 مؤسسات يكشف تزايد الاستغلال الجنسى للأطفال الأصغر سناً.. الضحايا الذكور أكثر من الإناث والأرقام المعلنة لا تمثل سوى 10% فقط من الواقع

الإثنين، 01 مايو 2017 12:40 م
الشيطان يدنس البراءة.. تحليل تقارير 3 مؤسسات يكشف تزايد الاستغلال الجنسى للأطفال الأصغر سناً.. الضحايا الذكور أكثر من الإناث والأرقام المعلنة لا تمثل سوى 10% فقط من الواقع خطف واغتصاب الأطفال
كتبت - منى ضياء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم تعد حالات التحرش بالأطفال واغتصابهم، وانتهاك أعراضهم حالات فردية تنشر بالصحف على فترات متباعدة، بل باتت ظاهرة خطيرة تهدد أطفالنا الذين يشكلون أكثر من 12% من المجتمع، وهذا الرقم يمثل فقط الفئة المعروفة من الأطفال الذين يشملهم تعداد السكان، بخلاف أطفال الشوارع الذين يصعب إحصاؤهم بصورة حقيقية، إلا أن الدراسات تقول إنهم يشكلون حوالى 250 ألف طفل بمدينة القاهرة فقط. ورغم خطورة الظاهرة التى تهدد أمان الأطفال سواء من جانب غرباء لا يعرفونهم فى الشارع، أو حتى من ذويهم فى المنزل أو بعض القائمين على رعايتهم فى مؤسسات مختلفة كالمدرسة ودور الرعاية وغيرها، إلا أن هناك قصورًا كبيرًا فى الرصد الواقعى لهذه الظاهرة، ولا تمثل الأرقام التى ترصدها بعض الجهات المختلفة سوى أقل من 10% فقط من الواقع الحقيقى بحسب ما رصدته، «اليوم السابع»، من الخبراء القائمين على عمليات الرصد.

 

«اليوم السابع» استعانت بتقارير خاصة بثلاث جهات مختلفة، أولها تقارير الأمن العام التى تصدرها وزارة الداخلية، وتعتمد هذه التقارير على البلاغات الرسمية المسجلة بأقسام الشرطة وكان آخرها التقرير الصادر عام 2012، حيث لا يوجد بعده تحديث للبيانات منذ ذلك التاريخ. 
واقتصر تحليل بيانات وزارة الداخلية على آخر ثلاثة تقارير كانت جميعها لثلاث سنوات متفرقة هى 2008 و2010 و2012، وفيها تبين أن عدد الحالات المسجلة كاستغلال جنسى للأطفال دون سن الـ18 عاما بمختلف أنواعها سواء اغتصاب أو هتك عرض - حوالى 469 حالة مقسمة بواقع 186 حالة فى العام الأول و171 حالة فى العام الثانى و112 حالة فى العام الثالث.

 

الاستغلال الجنسى للأطفال الأصغر سناً (1)

المصدر: تقارير الأمن العام بوزارة الداخلية

أما الجهة الثانية فهى المجلس القومى للطفولة والأمومة، وهى الجهة المعنية بالطفل فى مصر، حيث تبلغ عدد حالات الانتهاك الجنسى للأطفال ما بين اغتصاب وتحرش خلال الفترة من عام 2012 - 2015 حوالى 366 حالة استغلال جنسى للأطفال، يضاف إليها 120 حالة أخرى تم رصدها خلال النصف الأول من عام 2016 ليصل الإجمالى حتى يونيو الماضى 486 حالة، طبقا لبيانات، حصلت عليها «اليوم السابع».
ويعتمد المجلس فى رصد عدد الحالات على أكثر من مصدر، ومنها البلاغات التى يتلقاها الخط الساخن لنجدة الطفل رقم 16000 والبلاغات التى تتلقاها صفحة المركز على «فيس بوك»، إلى جانب ما ترصده وسائل الإعلام ويتم التحقق من صحته من خلال التواصل مع الحالات، بحسب أحمد حنفى مدير برنامج حماية الطفل بالمجلس.

 

الاستغلال الجنسى للأطفال الأصغر سناً (2)

المصدر: المجلس القومى للطفولة والأمومة

والجهة الثالثة التى رصدنا تقاريرها حول ظاهرة الاستغلال الجنسى للأطفال هى المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، وهى إحدى منظمات المجتمع المدنى، والتى تعتمد بالأساس فى عمليات الرصد على ما تنشره وسائل الإعلام من وقائع انتهاك جنسى للأطفال، ورصدت تقارير المؤسسة 898 حالة انتهاك خلال الفترة من أول 2014 وحتى نهاية مارس 2017.
 

 

 

الاستغلال الجنسى للأطفال الأصغر سناً (3)

المصدر: تقارير المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة


 

الاستغلال الجنسى للأطفال الأصغر سناً (4)

جناة أطفال وأكثر المجنى عليهم ذكور

ومع اختلاف آلية الرصد لدى كل جهة على حدة، واختلاف الفترات الزمنية لكل منها، إلا أنه من الواضح وجود ارتفاع فى عدد الأطفال الذين يتعرضون للاستغلال الجنسى، كما أن هناك عوامل مشتركة فى النتائج التى توصلت إليها جميع التقارير، أهمها أن الجانى لم يعد فقط من الرجال البالغين وإنما كان الجناة فى بعض الحالات أطفال أيضًا، ورغم ضآلة الأعداد إلا أنها مؤشر للانحراف الأخلاقى بين هذه الفئة بصورة تدعو للخوف.
 
ومع الحديث عن ظاهرة الاستغلال الجنسى للأطفال، يقفز إلى الذهن دائمًا أن أكثر الضحايا من الإناث، ولكن واقع ما رصدته هذه التقارير تشير إلى أن الاعتداء على الذكور يزيد بصورة كبيرة، بل ويتخطى أحيانا عدد حالات الاعتداء على الأطفال الإناث فى بعض السنوات، وهو ما يفسره المحامى الحقوقى هانى هلال رئيس مؤسسة النهوض بأوضاع الطفولة أنه نتيجة اعتقاد خاطئ من الجانى بأنه يصعب على الطب الشرعى إثبات حالات الاعتداء على الذكور.
 
أما أحمد حنفى، مدير برنامج لجان حماية الطفل بالمجلس القومى للطفولة، فيفسر هذا التطور فى الاعتداء على الأطفال الذكور، بأنه نتاج خلل نفسى يعانيه الجانى، فهو لا يبحث عن اللذة والمتعة، وإنما وازعه الأساسى نحو ارتكاب هذه الجريمة هو الانحراف السلوكى وهدفه هو مجرد الاعتداء على الأطفال.
 
وشهد شهر مارس الماضى تطورا جديدا فى عمليات الاعتداء التى أصبحت أكثر عنفا وحدة تجاه الأطفال، وأصبحت تستهدف الأصغر سنا وهو ما تمثله واقعة «طفلة البامبرز» التى لم يتعد عمرها 18 شهرا فقط.
 
ويؤكد التقرير الشهرى للمؤسسة المصرية عن مارس 2017، أن عمر الأطفال ضحايا الاستغلال والعنف بمختلف أنواعه انخفض ليتراوح ما بين 1 - 5 سنوات فقط، فى حين أن متوسط أعمار الأطفال الضحايا فى التقارير عن الفترات السابقة كان يتراوح ما بين 16 - 18 عاما وذلك فى تقرير شهر يناير على سبيل المثال.
 
هذا التطور يفسره هانى هلال رئيس مؤسسة النهوض بأوضاع الطفولة، مؤكدا أن الجانى دائما يبحث عن الطرف الأضعف، الذى يتمثل فى السن الأصغر الذى يصعب عليه المقاومة، أما أحمد حنفى فيرى أن هذه الحالات فردية ودافعها الرئيسى الانحراف السلوكى للجانى كما سبق القول.
 
وبشكل عام تزايدت حالات العنف المقترنة بالاعتداء الجنسى على الأطفال، ويرى هانى هلال، أن هذا أمر طبيعى بعد الثورة مع تكرار مشاهد العنف والقتل الذى تثبه التليفزيونات طوال الوقت وزيادة صعوبة الظروف الاقتصادية التى تجعل الجانى أكثر عنفا من ذى قبل.
محتوى جنسى فى أفلام الكارتون
 
ويعتبر الخبيران وسائل الإعلام متهما رئيسيا فى تفشى ظاهرة العنف البدنى والجنسى ضد الأطفال، بسبب المحتوى الجنسى الذى تبثه القنوات المختلفة وتدخل جميع البيوت، لدرجة عدم اقتصار هذا المحتوى المثير على الأفلام والأعمال الدرامية فقط، بل طالت أيضا أفلام الكارتون الموجهة بالأساس للأطفال، وهو ما يثير الرغبة لديهم فى وقت مبكر جدا، وتجعل البعض يفضل التجربة بنفسه، فخلقت حالات الاعتداء من الأطفال على ذويهم الأطفال بدافع تجربة ما يشاهدونه، وهو ما ظهر جليا فى الواقعة الأخيرة التى تناولتها وسائل الإعلام من محاولة طفل بالمرحلة الابتدائية الاعتداء على زميلته فى دورة المياه بالمدرسة قبل أيام.

القانون الجيد وحده لا يكفى

 

الأسباب عديدة لتفشى الظاهرة ولكن المشكلة تكمن فى عدم التحرك الجاد من مؤسسات الدولة نحو مواجهتها بصورة تحول دون زيادتها، وهو ما يؤكده هانى هلال موضحا أن مصر أصدرت قانون الطفل عام 2008، وهو من أفضل القوانين فى العالم، ولكن حتى الآن لم تفعيل لجان حماية الطفل التى نص عليها القانون على مستوى المحافظات لرصد الانتهاكات ووضع سياسات حماية للأطفال مع رفع كفاءة البنية التحتية فى المحافظات الريفية الأكثر تعريض الأطفال للخطر.
 
وأشار هلال إلى مشكلة تتعلق بعدم التطبيق الفعلى لقانون الطفل فيما يتعلق بالعقوبات الخاصة بانتهاك الأطفال، حيث تصل أقصى عقوبة ما بين 3 - 5 سنوات، ويتم مضاعفتها إذا وقع الاعتداء من بالغ على طفل، وتتضاعف مرة أخرى إذا وقعت من أحد ذويه سواء أقاربه أو أى من المسؤولين عنه، ولكن هذه العقوبات لا تمثل ردعا كافيا فى جرائم الاعتداء على الأطفال.

ما خفى كان أعظم

وأضاف أن ما ترصده تقارير المؤسسة من خلال ما ينشر بوسائل الإعلام لا يتخطى 5% فقط من الواقع الفعلى، وهو ما أرجعه هلال إلى الثقافة المجتمعية السائدة فى مصر والتى تخاف من الفضيحة، ويتسبب فى ذلك مخالفة العديد من وسائل الإعلام لمواثيق الشرف الصحفى، والتى تقوم بنشر أسماء بل وصور الضحايا وذويهم مما يشكل وصمة عار وآثار نفسية يصعب علاجها بمرور الوقت.
 
ويشكو هلال من عدم إتاحة المعلومات المتعلقة بمثل هذه الظاهرة حتى يمكن رصدها بصورة أكثر واقعية والحيلولة دون وقوع الكثير منها، وهو دور لجان حماية الطفل الذى لم يفعل حتى الآن.
 
أما أحمد حنفى مدير برنامج حماية الطفل بالمجلس القومى للطفولة والأمومة، فيرى أن ما يرصده المجلس من بلاغات وحالات انتهاك جنسى ضد الأطفال لا يتعدى 10 - 15% مما يحدث على أرض الواقع، خاصة بمحافظات الصعيد التى يستحيل أن يتم الإبلاغ عن مثل تلك الوقائع خاصة إذا ما حدثت من جانى داخل الأسرة «زنا المحارم» ويتم التعامل مع هذه المشكلات دون إبلاغ أقسام الشرطة أو تحرير بلاغات رسمية، بسبب ثقافة المجتمع.
 
ويطالب هلال بعودة استقلالية المجلس القومى للطفولة والأمومة مرة أخرى وتبعيته لمجلس الوزراء حتى تكون لديه ميزانية مستقلة، ودعم من الحكومة للاضطلاع بدوره فى حماية الأطفال.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة