رجال نذروا حياتهم للدفاع عن وطنهم فى صمت ودون ضجيج، لا يهمهم أن يكونوا نجومًا على شاشات القنوات الفضائية، أو تتصدر صورهم الصفحات الأولى للصحف الورقية، والإلكترونية، أو تُعلق فى لوحات إعلانية ضخمة فوق الكبارى، وعلى الطرق السريعة، أو يشاركون فى مؤتمرات وندوات الثرثرة وبيع الوهم.
رجال، يتسابقون بمجرد التخرج فى الكليات العسكرية، والشرطية، للذهاب إلى سيناء، والوقوف بشموخ فى مواجهة الموت، حاملين على أكتافهم، أكفانهم قبل السلاح، فى سبيل الذود عن حياض الوطن وترابه الطهور، وإعلاء شأن الجهاد الحق، وحصد أرواح الأشرار.
جيش مصر، جيش وطنى، قوى، حاميًا وحافظًا لأمن وأمان الوطن، ودرعًا واقيًا، وسيفًا باترًا لكل من تسول له نفسه محاولة الاقتراب من حدود البلاد، والنَيل من استقرارها وأمنها، لنحيا على أرضنا كِرامًا، وهى نعمة لا تقدر بمال.
وعندما عقد الجيش المصرى، العزم لبدء عمليات تطهير سيناء من دنس الإرهاب، الذى استشرى وتوغل بعد 25 يناير 2011، بشكل عام، وبعد وصول جماعة الإخوان الإرهابية للحكم، على وجه التحديد، وقف القادة العسكريين المكلفين بالترتيب لعملية التطهير، أمام خريطة العمليات فى شمال سيناء، وحددوا، حسب الرصد، وأجهزة المعلومات، 27 نقطة تتمركز فيها التنظيمات الإرهابية.
ومن المناطق التى تمثل تمركزًا، وتحركًا للجماعات والتنظيمات الإرهابية بأريحية، فى شمال سيناء تبدأ من العريش والشيخ زويد والحسنة، وكمين «غيثة» بجانب جبل الحلال، وعلى امتداد 60 كيلو مترًا حتى الحدود مع غزة.
وتمثل المسافة ما بين كمين «غيثة» وحتى الحدود مع غزة، والبالغة ما بين 60 و61 كيلو مترًا، هدفًا استراتيجيًا لحماس، فهى المنطقة التى تزخر بالأنفاق، وتهريب السلاح وكل السلع المهربة، ومن بينها بجانب السيارات المسروقة، والمواد البترولية.
ونظرًا لخطورة الأمر، كانت القوات المسلحة المصرية، ترصد التحركات فى هذه المنطقة، رغم الحراك الثورى الكارثى فى 25 يناير، لذلك سارعت القيادة العسكرية فى 12 أغسطس 2011 بتنفيذ عملية «النسر» لتعقب ومطاردة العناصر الإرهابية، وتحديدًا تنظيم ما يسمى بـ«جيش تحرير الإسلام»، الذى أعلن اعتزامه تحويل سيناء إلى إمارة إسلامية، وطرد قوات الجيش والشرطة نهائيًا من أرض الفيروز.
نشرت القوات المسلحة المصرية نحو 1000 جندى، فى مناطق كانت محرمة على الجيش المصرى الانتشار فيها على خلفية اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979، وذلك لإعادة النظام، والقضاء على التنظيم الساعى لتحويل سيناء إلى إمارة إسلامية.
وفى 7 أغسطس 2012، قرر أبناء الجيش المصرى ترديد يمين القسم التالى: «نُقسم بالله أننا لمنتقمون»، وذلك للانتقام من استشهاد 16 جنديًا مصريًا، قتلوا غدًرا وهم صائمون دون ذنب، فى رفح.
وبدأت عمليات الثأر مساء يوم 7 أغسطس، وبعد يوم واحد فقط من وقوع مذبحة رفح الأولى، ولأول مرة منذ حرب أكتوبر 73، تصل أعداد كبيرة من الألوية المدرعة، وكتائب الصاعقة والمظلات بالإضافة إلى طائرات الأباتشى، فى عمق المنطقتين «ب» و«ج» فى شمال سيناء.. رغم أن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل تحدد أعدادًا معينة لتواجد القوات المصرية بها.
وهاجمت القوات المصرية، أماكن ظن الإرهابيون عدم قدرة رجال الجيش الوصول إليها، ولكن وباستخدام أجهزة الرؤية الليلية وطائرات الأباتشى بدأ تحديد مواقع هؤلاء الإرهابيين وبتقدم القوات المدرعة حدث تبادل لإطلاق النار بشكل كثيف، سمع صداه فى كل أنحاء مدن العريش ورفح والشيخ زويد وبئر العبد، وهنا كانت الرسالة واضحة للجميع، أن الجيش المصرى عزم على تطهير سيناء، رغم وعود جماعة الإخوان الإرهابية بتأمين الإرهابيين الذين استقدمتهم من كل حدب وصوب، ليكونوا نواة لجيش الجماعة، على غرار «الحرس الثورى الإيرانى».
وهاجمت قوات الجيش منطقتى الجورة والتومة القريبتين من مدينة الشيخ زويد برفح، ويتمركز بها مجموعات من الخارجين عن القانون وأصحاب التنظيمات التكفيرية والجهادية، وفى وقت متزامن شنت مجموعة أخرى من القوات، هجومًا مباغتًا تدعمه الطائرات على الأنفاق بمنطقة «كندا» الملاصقة للشريط الحدودى بين مصر وقطاع غزة، ونجحت فى هدم وغلق عدد كبير من الأنفاق، وانزعجت جماعة الإخوان ورئيسها المعزول محمد مرسى، وحاولوا منع توغل القوات المسلحة ومطاردة الإرهابيين، بشتى الوسائل والطرق، ولكن كان غضبة أبناء الجيش المصرى، أكبر وأعظم، وأقوى من أن يقف أمامها أحد.
واستمرت عملية التطهير مع بسط النفوذ، وإنشاء الكمائن والارتكازات الأمنية القوية، واكتساب الأراضى، حتى وصلوا إلى تطهير المنطقة الحدودية.
ثم تغير التكتيك، واستحداث قيادة موحدة لمنطقة شرق القناة لمكافحة الإرهاب، والذى يتولاها حاليًا لواء أركان حرب محمد عبداللاه، وبدأ الالتزام الشديد، فى تطهير النقاط التى حددتها قيادات العمليات العسكرية فى سيناء، والبالغ عددها 27 منطقة، واستمرت العمليات التطهير حتى الآن، وتمكنت القوات فعليًا من تطهير 23 منطقة، وبسطت سيطرتها ونفوذها عليها، ولم يتبقَ سوى 4 مناطق فقط، تسير عملية التطهير فيها بقوة، وعقب الانتهاء منها، ستصبح سيناء خالية من الإرهاب.
جهد فائق، تبذله قوات الجيش، ومن خلفها الشرطة، لبسط نفوذ الأمن والأمان على أرض الفيروز، وإعادة هيبة الدولة، بعد غياب عقود طويلة، وفق خطط علمية قائمة على عدة محاور، من بينها العسكرية والتنموية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة