زينب عبداللاه

كفرنى شكرا

السبت، 13 مايو 2017 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد لا يروق للبعض دينى.. قد يكفروننى لأنهم لا يؤمنون بما أؤمن، ويرون أن عقيدتى فاسدة لأن بها ما يتناقض مع عقائدهم وما يعتقدونه صوابا، فلكل إنسان حق أقره الله فى أن يعتقد بما يراه صحيحا، فى أن يؤمن أو يكفر، ويتبع الدين الذى يراه حقا، فهذه هى طبيعة البشر الذين خلقهم الله شعوبا وقبائل ليتعارفوا لا للتطابق دياناتهم أو تتشابه.
 
بديهى أن يرى أتباع كل دين غيرهم من أتباع الديانات الأخرى ليسوا على حق أو أصحاب عقائد فاسدة، لأنها لا تتطابق مع عقائدهم، ولو كان غير ذلك لاتبع الناس عقيدة واحدة، ولكن هذه هى سمة الله فى خلقه، وسمة الكون الذى يتسع للجميع، بينما لا تتسع صدور وقلوب البشر لمن يختلفون معهم . فليس مهما أن ترانى كافرا أو أراك صاحب عقيدة فاسدة، لأن دينى لنفسى ودين الناس للناس .
 
السؤال المطروح بعد هوجة التكفير والتفتيش فى العقائد، لماذا يتعايش الناس فى المجتمعات المتحضرة.. ملاحدة ومسلمون مسيحيون ويهود ووثنيون وهندوس، دون أن يفتش كل منهم فى عقيدة الآخر ودون أن يتهمه بفساد ما يؤمن به، بينما ننشغل نحن فى المجتمعات التى يعمرها أهل الديانات السماوية الثلاث.. مسلمون ومسيحيون ويهود ببعضنا البعض، وينشغل رجال الدين بالتفتيش فى العقائد ويزكى كل منهم نفسه وأتباع ديانته على الله، وكأنهم وحدهم من يملكون صكوك الجنة وضمانات دخولها دون غيرهم.
 
هل يضمن سالم عبد الجليل أو غيره ممن يتحدثون عن فساد عقائد الآخرين أن يرضى عنهم الله، وهل حمل أى من هؤلاء تذكرة دخول للجنة حتى يحكم على غيره بدخولها أم لا؟ 
 
وإذا ركز كل منا فى عقيدة الآخر هل يسلم أهل العقيدة الواحدة من تكفير بعضهم بعضا، لنرى السنة يكفرون الشيعة، وبعض المشايخ يكفرون من لا يصلى أو من لا ترتدى الحجاب، والمسيحيون يكفرون المسلمين، والعكس، ويصبح كل منا كافرا فى نظر الآخر، ويتقمص كل منا دور الإله الذى يمنح العباد صكوك الجنة أو يحكمون عليهم بدخول النار.
 
لماذا ينشغل كل منا بمكان الآخر فى الآخرة، بينما لا ننظر إلى ما أمرنا الله به فى الدنيا من حسن التعايش والتعارف والمودة وهى القواسم المشتركة بين جميع الأديان؟
 
لماذا نبحث عن نقاط الاختلاف التى لن نتفق حولها مهما انتقد كل منا الآخر أو ساد الجدل بيننا، ولماذا نفتش ونتحدث عن هذه الاختلافات التى تثير العداوة والبغضاء؟ 
لا ينكر أحد أن الإنسانية توارثت واستفادت من اختراعات وابتكارات صنعها من لا يؤمنون بدين، وسجل التاريخ أسماءهم بحروف من نور لأنهم كانوا أنفع للبشرية ممن يفتشون فى عقائد البشر ويشيعون العداوة والبغضاء والكراهية.
 
لا بأس فليرانى من يشاء كافرا وغير مؤمن، ولكن حتى مع هذا الحكم لا يبيح أى دين سفك دمى، أو إساءة معاملتى، أو الحكم على أخلاقى، لا يبيح إجبارى على ترك ما أعتقد أو إكراهى على اتباع دين آخر، فكل الأديان تأمرنا بحسن التعايش، بالرحمة وعدم الغلظة فى القول أو الفعل، بتبادل المنافع والمشاعر الإنسانية، وإذا تعاملنا بهذه الأسس والمبادئ المشتركة بين كل الأديان فلا بأس من أن ترانى كافرا.. "كفرنى شكرا" ولكن يكفى أن ترانى إنسانا.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة