فى النهاية الخلابة لفيلم «ذا برستيج» الذى أخرجه كريستوفر نولان وقام ببطولته هيو جاكمان وكريستيان بيل ينهى صناع الفيلم سلسلة الأحداث الخيالية التى أدت إلى كوارث إنسانية بتسليم راية العقل من السحر إلى العلم، معلنين أن القرن التاسع عشر هو نهاية رحلة السحر فى العالم، وأن السحر الحقيقى يكمن فى اكتشاف النظريات العلمية واختراع الآلات والماكينات التى تفعل ما لا يفعله الساحر، وتقريبا هذا ما فعله العالم الغربى منذ هذا التاريخ، وهذا هو ما أدى إلى نهضة أوروبا وأمريكا بشكل غير مسبوق فى السنوات التى تلت هذا التاريخ، بينما نحن مازلنا واقفين فى ذات الموضع الذى وقف فيه «علماء الأزهر» حينما رأوا «علماء الحملة الفرنسية» وهم يجرون إحدى التجارب العلمية فظنوا أنهم «سحرة»، وهو الأمر الذى أسهم فى انبهار المصريين بالـ«الفرنسيس» حتى إن المؤرخ الكبير عبدالرحمن الجبرتى استفاض فى وصف هذا الانبهار، مؤكدا أن ما يقوم به هؤلاء العلماء «لا تستوعبه عقول أمثالنا».
هذا هو العقل وهذه هى طبيعته، تدربه على التفكير العلمى السليم ينمو ويتطور، تدربه على الاستكانة إلى الخرافة والتواكل والبله يتورم ويعطل، وللأسف لا توجد نتيجة أخرى لشيوع الجهل والدجل غير هذا التخلف وهذه الرجعية، ولهذا كله كتبت، أمس، منددا بأن تقوم إذاعة محلية رسمية بمنح «الشعوذة» شهادة جدارة واستحقاق بعرض أعمالها على عموم الناس، وحضهم على الأخذ بها، بل إن ضيف حلقة برنامج «جمد قلبك» بإذاعة الشرق الأوسط المصرية لم يجد حرجا فى أن ينصح أحد المستمعين بالاستعانة بشيخ من أجل «إخراج عمل سفلى» وهو ما نفذه هذا المستمع وجاء ليعرضه على الضيف العزيز الذى مضى مفتخرا بنفسه كما بنى السد العالى أو أقام الأهرامات.
قال الرئيس عبد الفتاح السيسى فى إحدى جلسات مؤتمر الشباب: وإيه يعمل التعليم فى وطن ضايع؟ مؤكدا أن تعليمنا لا يخرج شبابا يقبلون الآخر أو يفشون قيم التسامح، وفى الحقيقة فإن التطرف مرض خطير يصيب المجتمع فى مقتل، لكن فى الحقيقة فإن الشعوذة والدجل أخطر كثيرا على الوطن من أى خطر آخر، فنحن لا نملك إلا عقول أبنائنا التى يجب علينا تنميتها لا تغييبها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة