تتواصل الدراسات المخيفة التى تتعلق بواقع الإنسان ومستقبله فى العالم، فكل شىء تسارعت خطواته حتى الفقر وحلوله فقد أصبحت خطواته أكثر اقترابا، وراح يلتهم دولا ويهدد حضارات عريقة.. تخيل 29 مليون طفل فى منطقة الشرق الأوسط يفترسهم الفقر، أى أن ربع أطفال هذه المنطقة لا يملكون مستقبلا، حسبما ذكرت دراسة أجرتها اليونسيف مؤخرا.
الدراسة التى شملت 11 بلداً فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تقول إن هؤلاء الأطفال يحرمون من الحد الأدنى من بعض الضروريات الأساسية فى الحياة، مثل التعليم والسكن اللائق والغذاء الصحى والرعاية الصحية الجيدة.
كثيرة هى الأسباب التى تنتهى بالأطفال لهذه النتيجة الصعبة المخزية، لكن العلم يقول لكل شىء أسباب، لكن أخطر هذه الأسباب التى أقرتها الدراسة هى الحرمان من التعليم، إذ إن الأطفال الذين يعيشون فى بيت يرأسه فرد غير متعلّم من أفراد العائلة، هو عرضة لخطر مضاعف من العيش فى حالة الفقر.
هذا الكلام يحمل أكثر من ناقوس خطر بالنسبة لنا، لأنه فى السنوات الأخيرة وبسبب الظروف الاقتصادية السيئة فى مصر، وبسبب غياب المستقبل التعليمى للخريجين ولقصر نظرة البعض، انصرف الكثيرون فى قرى مصر عن الإيمان بدور التعليم وأصبحوا لا يذهبون إلى المدارس ولو ذهبوا يكتفون بأقصر الطرق فيه، ويخرجون للحياة غير الرحيمة وهم غير مسلحين برؤية أو طريقة تفكير متطورة.
هذا التفكير الخاطئ الذى نؤكد أنه بدأ ينتشر فى قرى مصر خاصة فى الصعيد سوف يعمل على ضياع مستقبل هؤلاء الأطفال، فالعالم يضيق بشكل غير متوقع، ولا يفتح أبوابه سوى للمتميزين فى كل شىء، والتعليم الجيد ومحاولة اكتساب قدرات هو الحل الوحيد للخروج من عبث الواقع.
العالم يغير فى كل يوم خريطته، دول تظهر وأخرى تختفى، والمجتمع الذى لا يملك خطة تعليمية واضحة، أو يتخبط كل يوم فى نظام تعليمى جديد يصيب الأطفال وآباءهم بالإرباك وذات يوم سيختفى من على خريطة الإنتاج العالمية ويتحول إلى مستهلك شره يدفع ثمن ذلك من استقلاليته ومن وجوده نفسه.
لذا فإن المهم وحتى لا نزداد فقرا علينا الخروج من الدائرة الكارثية التى سقط فيها التعليم، وأن نستقر على نظام مفيد، وأن نخرج من طور التجربة الذى نعيش فيه منذ أجيال، وأن نتنبه حيدا لفكرة المتسربين من المدارس التى بدأت تخرج من إطار الظاهرة لتصبح واقعا يهدد وجودنا.