طالما استيقظت الأجهزة المحلية لاستعادة أراضى الدولة من أيدى المستولين عليها، فليس أقل من مواجهة حقيقية واستعادة عشرات الآلاف من الأفدنة التى استولى عليها الكبار طوال عقود، أو الأراضى المنتزعة من أملاك مرافق كبرى مثل السكة الحديد والمترو والطرق، والنيل فضلا عن أراض واسعة تمثل ثروة لكنها تحت سيطرة البلطجة والقوة خارج نطاق القانون، والخوف أن تبدأ الحملات بالصغار، وتتجاهل الكبار.
عندما تحدث الرئيس عن استعادة أراضى الدولة من أيدى مغتصبيها، كانت الإشارة إلى آلاف الأفدنة التى حصل عليها من لا يستحقون بالقوة ووضع اليد. وكانت قصة الفدادين الألف فى المراشدة خير مثال. حيث يحصل على أراضٍ شاسعة من لا يستغلونها، بينما يحرم منها المواطنون.
الخوف دائما من أن تركز الأجهزة المحلية، وقد استيقظت من سباتها على الصغار وتترك الكبار المعروفين فى كل مكان، هذا لا يعنى تجاهل من اعتدوا على مساحات صغيرة، قيراط أو عدة أمتار، لكن الأهم هو استعادة أراضى بمئات المليارات، والظن أن استعادة الأراضى التى نهبها الكبار أو استرداد حق الدولة فيها وإزالة الاعتداءات على النيل أو المرافق أو المساحات الشاسعة، كل هذا سوف يسهل استعادة الأصغر، لأن مواجهة الكبار سوف يظهر الجدية والهيبة، ويجعل الباقى أسهل، بل إن شعور الناس بأن ما يتم استعادته يوزع على من يستحق، سيكون خطوة لإعادة الثقة، تسهل باقى الخطوات.
هناك تقارير من أجهزة رقابية، ومن الهيئات والجهات المختلفة، كلها تم إرسالها إلى لجنة استرداد الأراضى التى تعمل منذ أشهر، ويفترض أن تقدم كشف حساب بما حققته، وما لم تحققه، والعراقيل التى تحول دون إنهائه. مع الأخذ فى الاعتبار أن بعض الحيتان انتزعوا أراضى الدولة بتواطؤ من الفاسدين فى هذه الجهات، وعلى مدى عقود.
وعلى سبيل المثال فيما يتعلق بجهة واحدة، هيئة السكك الحديدية، هناك 10 آلاف حالة اعتداء على أراضى السكة الحديد حسب تقرير الهيئة فى سبتمبر الماضى للجنة استرداد الأراضى، ومعروف أن أراضى السكة الحديد المعتدى عليها تساوى عشرات المليارات وكلها فى أماكن استراتيجية، وتم سرقتها بالتواطؤ والصمت، ونفس الأمر فيما يتعلق بأراضى الرى والزراعة والنقل. وهناك أراض بمساحات شاسعة فى أنحاء المحافظات، بعضها تم الاستيلاء عليه بالقوة، ومن اعتدوا عليها معروفين، بل إنه فى فترة الانفلات الأمنى بعد 25 يناير، شهدت أكبر حالات اعتداء، فضلا عن تدمير الأراضى الزراعية. ولم يتم مواجهتها، إلا فى مواسم، بل وتجاه الصغار، وليس الكبار.
خلال العام الماضى أصدرت لجنة استراداد الأراضى برئاسة المهندس إبراهيم محلب بيانات سجلت فيها تفاصيل الاعتداء على الأراضى بالبلطجة والقوة. ويفترض أن يكون العمل بناء على ما سبق، وليس مجرد فورة وتهدأ، وبالمناسبة فإن لجنة محلب بدأت عملها وسط تفاؤل كبير. ومن المهم الاستماع لهذه التجربة.
كبار حيتان الأراضى هم مقياس استعادة الأراضى والهيبة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة