على أنغام الكمان الكلاسيكية وفى قصر فنى لا ينقصه الأبهة والبهاء، ووسط تجمع من أكبر فنانى مصر ومفكريها، كان افتتاح قصر "عائشة فهمى" أو "مجمع الفنون" أمس، من الوهلة الأولى وحتى قبل دخولك إلى هذا الحدث البهى تستطيع أن تقول إن هناك شيئا تغير، حركة مرور إنسيابية بفضل تواجد مكثف لقوات الشرطة حول القصر، أضواء لافتة تشير إلى أن هذا المكان ينفض الموت الذى تكلل به منذ 12 عاما، بريق من حضور لافت لأهم فنانى مصر الذين تسابقوا من أجل رؤية كتابة جديدة لشهادة ميلاد منبر من أهم منابر مصر الفنية.
"مجمع الفنون بالزمالك" أو "قصر عائشة فهمى" اسم يعرفه جميع من اشتغلوا بالفن التشكيلى أو من افتتنوا به، كان هذا الصرح الأثرى الفنى الكبير منبرا فنيا يجتمع فيه أهم فنانى مصر الذين يعدون الآن من أهم فنانى العالم، قصر شهد بروز أعمال حامد ندا وشادى عبد السلام وتعانقت فيه أعمال عبد الهادى الجزار مع أعمال محمود سعيد، قصر شهد إطلالة تماثيل محمود مختار مع منحوتات أحمد عثمان، قصر كان مهبطا لمعارض أهم فنانى العالم، هنا وقفت لوحات مؤسس السريالية العالمية سلفادور دالى ومؤسس التكعيبية بابلو بيكاسو بجوار أعمال أعظم نحاتى القرن العشرين "هنرى مور" متعانقة مع أشهر رسامى انجلترا "ديفيد هوكنى" هنا اجتمع الفنانون فى بيت من أروع بيوتهم، فكان هذا المكان بمثابة الحاضنة التى ألهمت الوجدان بإبداع بقى على مر الزمان، تشهد عليه صالات المزادات العالمية التى يحقق فيها الفن المصرى دوما أرقاما قياسية.
غير أن هذا البهاء انطفأ منذ حوالى 12 عاما بعد أن تردى وضع القصر على المستويات كافة، فكان لابد من إغلاقه لتطويره وترميمه قبل أن يتداعى، وللأسف فقد طالت مدة هذا الإغلاق حتى انسحب تماما من خارطة الحياة الفنية فى مصر لطول مدة الترميم، ضاعف من هذه المدة تكاسل بعض المسئولين السابقين وتخاذل بعضهم الآخر، فمنذ ثلاث سنوات ونحن نسمع أن ترميم القصر انتهى، وأن ميعاد افتتاحه اقترب، لكن هذه الأقاويل كانت تتبدد فى أدراج المسئولين وعلى عتبات مكاتبهم، حتى تم الافتتاح أمس، وللحق فقد محى هذا الافتتاح التاريخى الآثام السابقة، واضعا مصر فى وضع يليق بها.
تحد كبير اجتازته وزارة الثقافة بقيادة الكاتب الصحفى حلمى النمنم وقطاع الفنون التشكيلية بقيادة الفنان خالد سرور بعمل هذا الافتتاح، فسهل على أى منظم لأى معرض أن يأتى ببضعة لوحات من بعض الفنانين ويكون الافتتاح على ما يرام، لكن الوزارة اختارت أن تستغل هذا الحدث المهم ليتحول من مجرد "افتتاح قصر" إلى استعراض حضارى لا ينقصه الإبهار ولا يشوبه سوء التنظيم، فقد اختارت الوزارة عنوانا براقا لمعرضا الافتتاحى هو "من كنوز متاحفنا" فجمعت فيه آيات من الفن المصرى والعالمى على حد سواء، وقد تماشت الأعمال المختارة مع الطابع الكلاسيكى للمكان حتى تخيل البعض أن اللوحات المعروضة من مقتنيات القصر الأصلية و هذا يدل على ألمعية الفكرة وحسن التنظيم وحسن الاختيار وحسن العرض الذى بذل فيه الفنان إيهاب اللبان مدير المجمع مجهودا يحسب له.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة