"«هل يمكن تحقيق ذٰلك؟!»؛ لم تكُف هٰذه الكلمات عن التردد فى أفكاره بشدة، وكأنها رياح عاتية تريد أن تنتزع منه شيئًا طالما بات يرافقه فى كل لحظات حياته! إنه لا يدري: أوُلد والخوف يَطغَى على شطآن حياته، أم أنها أمواج الحياة التي جلبت إليه القلق والخوف من كل ما يمر به؟ حتى مجرد الضحكات البسيطة علمته أن يستعد لمواجهة ألم قادم. هل حقًا يمكنه عبور تلك المعركة التي يتوقف عليها مصير حياته مع أن فرص النجاح باتت قليلة، وأن يُثبت ـ ربما لنفسه قبل الآخرين ـ أنه يمكنه النجاح في معترك النجاح؟! أيستمر، أم يتراجع؟! ظلت أصداء الأحرف والكلمات تُدَوِّي في رأسه كدَوِيّ أمطار لا تتوقف!".
كثيرًا ما تمر بحياة الإنسان لحظات يشعر فيها باقترابه من الهزيمة في أحد معتركات الحياة؛ فيحاول التراجع أو التوقف عن الحُلم والأمل في تحقيق ما يصبو إليه، وخاصةً عندما يكون فردًا في مجموعة استسلم أفرادها للهزيمة؛ حينئذ اسمح لي، يا عزيزي، أن أقول لك: في طريق الحياة لا تتوقف أبدًا فإنه حينئذ تكون بداية النهاية! ودعني أوضح كلماتي تلك بمشهد رأيته في مقطع ڤيديو قصير أرسله إليَّ أحد الأصدقاء بعد أن كنا نتحادث عن أهمية وجود الأمل في حياة الإنسان كي يمكنه أن يواصل الحياة بنجاح.
كانت مشاهد الڤيديو لفريقين من الصبيان في لُعبة طالما مارسها كثير منا في تلك المسابقات التي كنا نقيمها في الأندية والمؤتمرات؛ كان الفريقان الأصفر والأحمر ـ بحسب لون الملابس الرياضية التي يرتديها أفراد كل منهما ـ يَُمسكان كلٌّ بحبل طويل محاولاً جذب جميع أفراد الفريق الآخر إلى عُبور الخط الفاصل بينهما ليفوز. ظل كل فريق يحاول جذب الآخر لتخطي ذٰلك الخط، فتارة تتجه الغلبة لتميل إلى الفريق الأصفر، ثم تارة يجتهد الفريق الأحمر حتى تبدو كِفَّته أنها تَرجُح؛ وهٰكذا ظل الحال بعضًا من الوقت، إلى أن تمكن الفريق الأصفر من جذب جميع أعضاء الفريق الأحمر إلى ما بعد خط التسابق ما عدا فردًا واحدًا منهم كان عليه الاختيار!!! فإمّا أن يستسلم للفشل ويفقد الأمل في تحقيق الانتصار بعد أن صار بمفرده، وإما أن يستمر في جذب الحبل محاولاً إنقاذ فريقه بأسره!!! لم يكُن أحد يدري ما يجول بخاطر ذٰلك الصبيّ، أو هل مرت به أفكار متصارعة. على أية حال، لقد صمد الصبيّ أمام جميع التحديات، بل ازداد تشبثًا بما لديه من الحبل، حتى إنه حين اقترب من ذٰلك الخط الفاصل ازداد في تعزيز جهوده ومقاومته للهزيمة، رافضًا الاستسلام البتة. ويبدو أن محاولاته تلك ألقت شعاعًا من أمل في رُوع أعضاء فريقه حتى سرت بينهم قوة تَحفِزهم على الانتصار؛ لتنتهي المباراة بفوز الفريق الأحمر الذي كاد أن يُهزم لولا إيمان أحدهم العميق بما يقوم به وإن الهزيمة تبدأ من أعماق الإنسان أولاً فلم يمنحها فرصة الانتصار على ما لديه من عزيمة لتحقيق الآمال والطموحات.
الحياة أمل وعمل من أجل تحقيق ذٰلك الأمل، ولا مكان ليأس أو تراجع أو فشل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة