فيما تتجه أنظار العالم للعاصمة السعودية الرياض التى تشهد اليوم "الأحد" لقاء "القمة العربية الإسلامية الأمريكية" بين قادة العالم العربى والإسلامى والرئيس الأمريكى دونالد ترامب تتوالى الكتب الجديدة لتعبر عن اهتمام ثقافى عالمى بلغة وأفكار ترامب والتى وصفت فى كتاب جديد بأنها تعنى "مولد لغة سياسية جديدة".
والكتاب الجديد الذى صدر بالإنجليزية بعنوان "كيف يفكر ترامب؟ تغريداته ومولد لغة سياسية جديدة" يتناول فيه المؤلفان بيتر اوبورن وتوم روبيرتس سمات اللغة السياسية الجديدة التى ولدت فى خضم التغريدات الإلكترونية أو تويتات الرئيس دونالد ترامب.
والكتاب الذى حظى باهتمام الصحافة الثقافية الغربية هو فى الواقع دراسة للغة ومفردات الخطاب الذى يستخدمه الرئيس دونالد ترامب عبر موقع التدوينات القصيرة "تويتر" وعمد المؤلفان لتحليل مضمون تغريدات أو "تويتات" ترامب.
ويؤكد بيتر أوبورن وتوم روبيرتس فى هذا الكتاب أن الرئيس دونالد ترامب نجح فى استخدام وتوظيف تويتر" لخدمة خطابه السياسى وهى قدرة تبرهن على أنه يعبر عن عصره ومجتمعه الأمريكى والتقنيات التى تسود هذا المجتمع وتستحوذ على العقول.
وهذا الكتاب الجاد يأتى بعد أن بلغت المكايدات السياسية حد السعى لتجريد الرئيس دونالد ترامب من القدرة على التفكير وأوغل البعض فى المكايدات لحد محاولة السخرية من مظهر وجسد رجل حظى بتأييد الناخب الأمريكى ليكون رئيسا للولايات المتحدة.
وإذا كان البعض قد أخذ على ترامب نزعته للارتجال فإن هذا الكتاب الجديد يوضح أن الرئيس الأمريكى رجل يحسب جيدا خطواته ويدرك مغزى ما يقوله ثم أنه أثبت أيضا براعته فى التواصل مع الجماهير عبر شاشات التلفزيون ونجح فى إقناع الناخبين الأمريكيين بأنه واحد منهم يتصرف بعفوية ولا يخفى نوبات غضبه خلافا للساسة المحترفين الذين يظهرون خلاف ما يبطنون.
ولعل تحليل المؤلفين فى كتابهما لتلك المسألة الذى انتهى إلى أن عفوية ترامب حتى فى إظهار غضبه أقنعت الكثير من الناخبين الأمريكيين بالتصويت لصالحه باعتباره الرئيس الأفضل فى مجتمع متعدد المكونات والعناصر ويتميز بالتنوع المفرط.
ولعل هذا التحليل أيضا يرد بأسلوب علمى على هؤلاء الذين ذهبوا فى سياق المكايدات السياسية والمواقف المناهضة للرئيس الأمريكى الجديد إلى القول بأنه يفتقر للتحكم فى انفعالاته الغاضبة وحتى اهتزازاته الجسدية!.
وعبر تتبع دقيق للوسائط الاتصالية التى استخدمها دونالد ترامب فى طريقه للبيت الأبيض يوضح الكتاب أن استخدامه لموقع تويتر جاء بعد نجاحه التلفزيونى ليحقق هذه المرة نجاحا اتصاليا هائلا عبر وسيط قال الذين ابتكروه فى الأصل أنه مصمم "لتوجيه زخات مقتضبة أو رشقات قصيرة من المعلومات التى تبدو غير منطقية".
ويتوقف المؤلفان مطولا أمام استخدام ترامب للتغريدات أو التويتات أثناء حملته الانتخابية التى واجه فيها خصوما أشداء بعد الانحياز الواضح لأغلب الصحف الأمريكية الكبرى وشبكات التلفزة الشهيرة لصالح منافسته ومرشحة الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون التى حظت أيضا بدعم ومؤازرة غالبية المنابر والدوائر الثقافية فى الولايات المتحدة.
والطريف والدال على مدى الانحياز للمثقفين أثناء معركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة أن الناقد والكاتب الروائى توماس مالون قال إنه لو كان له أن يكتب قصة أو رواية عن المعركة الانتخابية الرئاسية الأمريكية فى عام 2016 لاختار الكتابة عن مرشحة الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون بشخصيتها الدرامية الثرية.
بل إن توماس مالون ذهب بخياله الروائى لحد تصور أن هيلارى كلينتون قد حققت بالفعل فوزا انتخابيا ساحقا على منافسها دونالد ترامب غير أنها تعانى ليلة هذا الانتصار الكبير من حالة إحباط شأنها فى ذلك شأن ريتشارد نيكسون بعد أن حقق فوزا كبيرا فى المعركة الانتخابية الرئاسية الأمريكية عام 1972 ليسحق منافسه جورج ماكجفرن.
وهذا التفضيل الدرامى لشخصية هيلارى كلينتون كان يعكس فى ثناياه تأييد السواد الأعظم من المثقفين الأمريكيين لهيلارى كلينتون ومدى العداء السافر حينئذ لدونالد ترامب مرشح الحزب الجمهورى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لاختيار الرئيس ال45 للولايات المتحدة دون أن ينال ما يتردد عن مخالفات تتعلق باستخدامات البريد الالكترونى لهيلارى أثناء شغلها منصب وزير الخارجية أو مخالفات وتجاوزات لبعض مساعديها من هذا التأييد الكبير من جانب المثقفين لمرشحة الحزب الديمقراطى.
وفى مواجهة هذا الموقف العصيب والانحياز السافر على مستوى أغلب وسائل الإعلام والمنابر الثقافية لهيلارى كلينتون وهو موقف ينطوى على نوع من الجفاء للمنطق العادل كان لدونالد ترامب أن يستخدم سلاحه الفتاك "تويتر" الذى تتضمن وظائفه الأصلية حسب من ابتكروه " توجيه زخات مقتضبة أو رشقات قصيرة من المعلومات التى تبدو غير منطقية" كما يوضح كتاب"كيف يفكر ترامب ؟ تغريداته ومولد لغة سياسية جديدة" للمؤلفين بيتر اوبورن وتوم روبيرتس.
وهكذا مضى دونالد ترامب فى تلك اللحظات العصيبة فى استخدام هاتفه المحمول لبث تغريدات على موقع تويتر تتضمن الكثير من السخرية من مواقف المنحازين لمنافسته هيلارى كلينتون فضلا عن إظهار انه رجل يستقوى برجل الشارع أو المواطن العادى فى مواجهة أباطرة الميديا ومصالح المتحكمين فى الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية الكبرى.
ويلاحظ مؤلفا هذا الكتاب الجديد أن دونالد ترامب كان "يطلق وابل التويتات فى ساعات السحر قبل طلوع الفجر" التى يكون أغلب الناس فيها نيام بينما يعكف هو على "مهمته التويترية" ليطالع الأمريكيون تغريداته فى الصباح المبكر.
وبعد انتخابه وتنصيبه رئيسا للولايات المتحدة لم يكف ترامب عن استخدام "سلاح تويتر" بكثافة حتى أن تغريداته الإلكترونية تحمل الكثير من الأوامر التنفيذية كما يستخدم هذا الموقع للتدوينات القصيرة لفضح ما يصفه "بالأخبار الباطلة والأنباء الكاذبة" وكأن موقع تويتر تحول إلى ترسانة أسلحة لدونالد ترامب تضارع فى أهميتها ترسانة الأسلحة النووية الأمريكية على حد التعبير الطريف والدال لمؤلفى الكتاب.
وكانت المرشحة الخاسرة فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة هيلارى كلينتون قد عمدت مؤخرا لاستخدام موقع تويتر للإعلان عن إطلاق حركة سياسية جديدة باسم " معا إلى الأمام" فى محاولة وصفت بأنها تعبر عن أحلامها فى العودة بقوة للحياة السياسية بعد هزيمتها الانتخابية أمام دونالد ترامب التى كان "تويتر" احد اهم أسبابها.
وهذا الموقع الشهير للتدوينات القصيرة يمنح الرئيس دونالد ترامب إمكانية التعليق السريع على الأحداث ومجريات العالم وقد اكتشف هذه الخاصية الملائمة لذهنيته قبل فترة طويلة من دخوله البيت الأبيض كما حدث عند وفاة المناضل وزعيم جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا فى نهاية عام 2013 حيث علق ترامب فورا لينعى "الشهيد العظيم للضمير الإنسانى ويؤكد انه كان على علاقة وثيقة به".
وواقع الحال أن دونالد ترامب صاحب كتاب "فن الصفقة" الصادر عام 1987 والذى بيع منه أكثر من مليون نسخة والذهنية التسويقية البارعة يعبر بطريقته الناجحة فى استخدام "تويتر"عن الفلسفة التى سادت تاريخيا فى المجتمع الأمريكى وهى "الفلسفة البراجماتية" التى تشير فى احد معانيها المباشرة الى ان "نجاح العمل هو معيار الحقيقة" فيما لا يخفى عنوان كتابه او السيرة الذاتية :"التفكير مثل بطل" مفاهيمه للبطولة.
وقد تكون قصته مع "تويتر هى قصة رجل قال :" لدى قدرة على اقتناص الرائحة الجميلة للنجاح" بقدر ماهى قصة رجل نجح فى ابتكار لغة سياسية جديدة ومؤثرة بقوة عبر زخات او رشقات على موقع التدوينات القصيرة..حقا كل صعود يبحث عن لغة وقد اختار ترامب "لغة تويتر" فى رحلة الصعود المثير !.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة