هناك شبه اتفاق على أن نظام الامتحانات فى التعليم عندنا فاشل، ومع هذا نصر عليه، ونخاف من تغييره، ولو سألنا عن سبب الخوف لن تجد شيئا يذكر، وسوف تجد من يدافع عن النظام التعليمى القائم خوفا من الفشل فى علاج الفشل.
نفس الأمر هناك شبه اتفاق على أن الدروس الخصوصية من علامات فشل التعليم والتربية، ومع هذا فإن كل ولى أمر يرسل أولاده إلى الدروس الخصوصية. وزراء تعليم قليلون جدا هم من اعترفوا بأنهم يرسلون أبناءهم إلى الدروس الخصوصية. وحتى هؤلاء لم ينجحوا فى مواجهة الدروس الخصوصية، التى تبدو أحيانا جزءا من الواقع، ضمن حالة تواطؤ عام.
نقول هذا بمناسبة حالة التردد التى تنتاب البعض أمام ما أعلنه وزير التعليم، وتصريحاته الصادمة، التى تعبر عن نظام تعليم بلا ميزة.
أغلبية المواطنين لديهم استعداد لدفع ألف جنيه شهريا على الأقل فى الدروس الخصوصية، وليس لديهم استعداد لدفع واحد على عشرة من هذا المبلغ للمدرسة، يقولون إن الفصول تتكدس بأربعين تلميذا فى الفصل وهذا سبب عدم الفهم، ويذهب نفس التلميذ إلى مركز ويجلس فى مدرج فيه 500 تلميذ كل منهم يدفع مائة جنيه، ويزعم أنه يفهم ما لا يفهمه فى الفصل ذى الأربعين تلميذا.
يعترفون بأن راتب المعلم غير كافٍ، وأن أغلبية المدرسين يضطرون للدروس الخصوصية أو لعمل إضافى لتحسين الدخل، ويقبلون دفع مئات فى الدروس الخصوصية، ويرفضون دفع عشرات للمدرسة لتحسين راتب المعلم وأدوات التعليم.
لكن هل تتوقف الدروس الخصوصية لو تحسنت أحوال المعلم ؟ أم أنها جزء من ثقافة مجتمعية تحتاج إلى تغيير شامل وليس جزئيا.
هذه الأسئلة وغيرها لا أحد يطرحها، ولا أحد يريد مناقشتها، ولهذا نواصل الحديث عن فشل التعليم، ونسبح بحمد الدول الأخرى التى سبقتنا وسوف نختلف كثيرا ونحن نسأل، هل هو دور الدولة وحدها، أم أن المجتمع هو الآخر مسؤول؟ وسوف نجد من يقف متفرجا أو مشمئنطا، أمام ما يطرحه وزير التعليم، البعض سيقول: مافيش فايدة والبعض سوف يردد كلاما عن اليابان وأمريكا وأوروبا والدول المتقدمة، أو يكتفى بإعلان أن ما يجرى «هرى» والسلام.
وإذا جرت محاولة فرض نظام من أعلى، ربما يواجه مقاومة، خوفا من الفشل، أو خوفا على مصالح يوفرها النظام العشوائى، والناتج من تراكمات، بعد أن ظل محلا للتجارب، والتلاميذ مجالا للتجريب. أنواع وأنظمة التعليم متعددة، وأغلبية التلاميذ خاضعون لنظام عقيم، وعند أى محاولة للتغيير، تظهر المقاومة خوفا من الفشل، فى إصلاح نظام تعليم فاشل أساسا.