لا تزال الحضارة المصرية القديمة تمثل لغزا يحير العديد من العلماء الأثرين، سواء فى النواحى السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو التعليمية، لهذا فمصر دائما محط أنظار العالم، فكل اكتشاف تعلن عليه وزارة الآثار المصرية يصبح تحت أنظار العالم أجمع، بالإضافة إلى تسليط الضوء من جانب الإعلام الغربى بشكل كبير.
ولكن ظهرت خلال الآونة الأخيرة أخبار عن العثور على بعض من الآثار والمومياوات المصرية الفرعونية فى بعض من دول العالم، منها سويسرا وأستراليا، كان آخرها العثور على اثنين من التوابيت المزخرفة بداخلها مومياوات مصرية، وتمساح محنط فى دير الكهوف بأوكرانيا، وبعدما نشر هذا الخبر، وكان السؤال الملحّ فى ذهننا، هل الفراعنة وصلوا إلى دول العالم الأوروبى، لنشر ثقافتهم وحضارتهم فى هذه الدول أو لأسباب أخرى؟
ومن جانبه أكد الدكتور وسيم السيسى، عالم المصريات فى تصريحات سابقة لـ"اليوم السابع"، إن المصريين فى عهد سنوسرت الثالث، تمكنوا من الذهاب إلى طريق رأس الرجاء الصالح، كما أنهم وصلوا إلى أيرلندا الشمالية وأيضا إلى سويسرا، وغيرها من الدول الأوروبية، مشيرا إلى أن التمساح يعتبر من الحيوانات المقدسة عند المصريين، وهذا أكبر دليل على ذهاب القدماء المصريين إلى أوكرانيا.
ومن جانبه، قال بسام الشماع، عالم المصريات، إن المبالغة التاريخية ليست فى صالح الحضارة المصرية، وهذه المبالغة تعمل على عدم المصدقية عند كل العالم.
وأوضح بسام الشماع أن أكبر حدود وصلت إليها مصر فى تاريخها كانت فى أيام تحتمس الثالث الذى أنجز 17 حملة عسكرية ناجحة، وتم توثيق 17 حملة تاريخيا، وبالتالى أصبحت مصر أكبر إمبراطورية فى أيام هذا الرجل، وعلى الرغم من أن الملكة حاتشبسوت كانت مغتصبة العرش، إلا أنها تمكنت من الوصول إلى بلاد بنط وهى "جيوبانى إريتريا أو إثيوبيا"، لتوطيد العلاقات التجارية بين بلاد بنط ومصر.
وتابع بسام الشماع أن القوافل التجارية المصرية وصلت إلى شبه الجزيرة العربية فى محافظة تابوك وهى التى تقع شمال غرب المملكة العربية السعودية، ووجدوا على صخرة بجانب واحة تيما بعض الكتابات الهيروغليفية منحوتة للملك رمسيس الثالث، ويظن العلماء أن المصريين كتبوا اسم رمسيس على الصخرة ليكون رمزا للقوة، أو لتوثيق الحدث، أو لتكن محطات تسهل عملية الذهاب والإياب.
ولفت بسام الشماع إلى أن القوافل المصرية ذهبت أيضا إلى لبنان، حيث تم اكتشاف العديد من الآثار المصرية التى منها تمثال الإله حتحور بره الجمال المصرية المصرية فى منطقة جبيل بلبنان، وكان المصريون يستعينون بخشب الأرز من لبنان لصنع الأساطيل البحرية.
وأضاف بسام الشماع أن المصريين وصلوا إلى منطقة النوبة شمال الشمال، وهى "كوش" التى تأثرت بالمملكة المصرية القديمة أثرت، وذلك حيث إنهم وجدوا الملوك النوبيين مرتدين ملابس مصرية قديمة، كما وجدنا فى شمال السودان 200 هرم، موضحا أن مصر استعانت بالذهب وسن فيل وبيض النعام وريش النعام وجلد الفهد وخشب الأبنوس والبخور من بلاد النوبة.
وتابع بسام الشماع أن المصريين وصلوا إلى فلسطين حينما تم العثور على نصف تمثال لـ"أبو الهول"، مؤكدا أنه من المستحيل وصول المصريين إلى أوروبا نظراً لأن المصريين القدماء دائما يقومون بعمليات توثيقية لكل الرحلات، مضيفا أن الأخبار التى تفيد باكتشافات مصرية فى أوكرانيا مسروقة بلا شك أو معطاة كنوع من الهدايا، أما بالنسبة للعثور على الكتابة الهيروغليفية على صخرة فى أستراليا فهى مزيفة بالتأكيد.
وفى السياق ذاته، قال الدكتور يوسف خليفة، رئيس قطاع الآثار المصرية السابق، إن الفراعنة لم يذهبوا إلى أوروبا مطلقاً، لكنهم وصلوا إلى اليونان وقبرص وبحر إيجة، من أجل التبادل التجارى فقط.
وأوضح يوسف خليفة أن العثور على توابيت فرعونية فى أوروبا يدل على أن هذه التوابيت نقلت خلال القرن التاسع عشر أو العشرين من مصر إلى بعض الدول الأوروبية. وأشار إلى أن الفراعنة لو ذهبوا إلى أوروبا كانوا سجلوا هذه الواقعة فى ورق البردى أو على جدران المعابد، ولكن هذا لم يحدث.
كما قال هانى أبو العز، رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر العليا، إن هناك بحثا علميا أجنبيا يبرز أن علماء الآثار على ختم من اختام الملك تحتمس الثالث فى أحد الحفائر مدينة تقع بالقرب من فرنسا.
وأوضح هانى أبو العز أن التفسير العلمى الوحيد على تواجد الختم فى منطقة إلى أن ربما أحد الأمراء الأوروبيين سافر إلى مصر، ومن ثم ذهب إلى أوروبا فى القرن الخامس عشر، مضيفا أنه لا يوجد أثر يدل على ذهاب الفراعنة إلى أوروبا. متابعا أنه لا توجد وثيقة لدى الفراعنة ثبت أنهم سافروا إلى أوروبا من أجل التعامل لتجارى أو ما شابه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة