يمكن أن نقول بموضوعية إنه لولا خطاب السيسى فى القمة الإسلامية الأمريكية، وما تضمنه من موقف واضح وحاسم فى الملف الملتبس المسمى بمواجهة الإرهاب، لتحولت تلك القمة إلى مشهد لايصدقه أحد ولايهدف إلا تغطية الصفقات الضخمة التى سعى لإبرامها ترامب مع السعودية حتى يضع قانون جاستا فى الأدراج مرحليًا.
السيسى لم يبدل أو يغير النقاط الأساسية التى يدعو العالم إليها منذ 2014، وأجملها فى خطابه أمام القمة الأخيرة، فى أربع نقاط لو اعتمدتها القوى الكبرى لانتهت ظاهرة الإرهاب والتطرف من العالم فى أشهر معدودات، النقطة الأولى تتعلق بمواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز، فلا مجال لاختزال المواجهة فى تنظيم أو اثنين، فالتنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية، تجمعها روابط متعددة فى معظم أنحاء العالم، تشمل الأيديولوجية والتمويل والتنسيق العسكرى والمعلوماتى والأمنى.. ومن هنا.. فلا مجال لاختصار المواجهة فى مسرح عمليات واحد دون آخر.
النقطة الثانية التى طرحها السيسى، وبسببها تحسس قادة بعض الدول المشاركة بالقمة رؤوسهم، هى أن المواجهة الشاملة مع الإرهاب تعنى بالضرورة مواجهة كل أبعاد ظاهرة الإرهاب فيما يتصل بالتمويل والتسليح والدعم السياسى والأيديولوجى، فالإرهابى كما قال السيسى، ليس فقط من يحمل السلاح.. وإنما أيضًا من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسى والأيديولوجى.
وهنا تساءل السيسى، أين تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين.. ومعالجة المصابين منهم.. وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ مَن الذى يشترى منهم الموارد الطبيعية التى يسيطرون عليها.. كالبترول مثلاً؟ مَن الذى يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟ ومِن أين يحصلون على التبرعات المالية؟ وكيف يتوفر لهم وجود إعلامى عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟ والإجابة معروفة طبعًا: أنقرة والدوحة ولندن.
النقطة الثالثة التى طرحها هى كيفية القضاء على قدرة تنظيمات الإرهاب ومنعها من تجنيد مقاتلين جدد، من خلال مواجهتها بشكل شامل على المستويين الفكرى واللوجيستى وشل قدرتها على التجنيد واجتذاب المتعاطفين بتفسيرات مشوهة لتعاليم الأديان تنحرف بها لتحقيق أغراض سياسية.
أما النقطة الرابعة والأخيرة فتتصدى لتفكيك وزعزعة استقرار مؤسسات الدولة الوطنية فى منطقتنا العربية، وإغراق المنطقة فى فراغ مدمر وهو ما وفر البيئة المثالية لظهور التنظيمات الإرهابية واستنزاف الشعوب العربية فى صراعات طائفية وعرقية.
السؤال الآن، هل العالم جاد فى استقبال وتفعيل دستور السيسى ومحاورة الأربعة من أجل دحر الإرهاب؟ هل دول القمة الإسلامية الأمريكية مستعدة للأمر نفسه؟
للحديث بقية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة