"كلنا أعضاء فى جسد المسيح الواحد، نتعامل مع الجميع بمحبة وهى فوق كل خلاف"، بالعبارات السابقة وبابتسامة الرهبان الهادئة كان البابا تواضروس يواجه هجوما من التيار التقليدى فى الكنيسة، والذى اتهمه أكثر من مرة بالتفريط فى الإيمان الأرثوذكسى، لكن الرجل منذ أن بدأ مسيرته فتح بابه وباب كنيسته لدفع العلاقات قدمًا بين كنائس العالم فاستحق جائزة تعزيز الوحدة المسيحية التى منحتها له الكنيسة الروسية.
البابا تواضروس ومنذ اعتلاء كرسى مارمرقص قبل أربعة أعوام قادمًا من الصفوف الخلفية بالكنيسة، كان ومنذ يومه الأول أمام خطر المقارنة، كيف سيجلس على الكرسى المرقصى بعد البابا شنودة بكاريزمته وتعاليمه التى خرجت أجيال تحفظ الإيمان الأرثوذكسى طوال أربعين عامًا، إلا أن البابا الذى يفتخر بتلمذته على يد البابا شنودة كان أذكى من كل التوقعات، وقرر أن يتبنى طريقته الخاصة ويعبر عن منهجه فى إدارة الكنيسة وفى علاقتها بالدولة وباقى الكنائس.
طوال السنوات الأربعة الماضية، وتحديدًا عقب الاحتفال بعيد القيامة المجيد يبدأ البابا موسم رحلاته السنوى، يلبى دعوات من كنائس العالم ويبادر بزيارة ملوك ورؤساء الدول، يتحول البابا من بطريرك قبطى ورجل دين إلى أحد أقطاب الدبلوماسية الشعبية، فراح يحمل رسالة لبطريرك أثيوبيا ويقابل رئيسها وقت اشتداد أزمة حوض النيل، وكان أول بابا يلتقى خادم الحرمين، وتستقبله ملكة انجلترا، ويؤسس لعلاقات متينة مع دول حوض النيل ليعيد مصر إلى قلب إفريقيا.
زار البابا الكنيسة اللوثرية السويدية وهناك صلى مع رئيسة أساقفتها صلاة مسكونية قابلتها الصحف العالمية بترحاب شديد، البابا لم يلتفت لخلافات قديمة تعود لمجمع نيقية الذى قسم المسيحيين إلى كنائس تقليدية وكنائس غير تقليدية، بل ترك كل ذلك وانتصر لرغبته فى المحبة والوحدة، واستقبل أيضًا بابا الفاتيكان فى مصر وسعى الرجلان عبر وثيقة تاريخية لقبول معمودية بعضهما البعض بعد قرون من الخلافات بين كنيستين هما الأكبر فى العالم، وأسسا معا يوم للمحبة الأخوية بين الكاثوليك والأرثوذكس يتبادلان فيه الصلاة كل عام.
وشارك البابا منذ أيام فى صلاة أخرى مع الكنيسة البريطانية وأساقفة كاونتربرى، ليفتح باب العلاقات مع الكنيسة الإنجليكانية، بالإضافة إلى زيارته التاريخية إلى الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية بعد ربع قرن من القطيعة، وكذلك الكنيسة الروسية.
البابا أثبت فى حفل استلام الجائزة أمس، أنه لا يسعى للوحدة بين المسيحيين فقط، بل يعلى من قيمة الوحدة الوطنية، حيث تبرع بقيمة الجائزة لبناء مسجد وكنيسة بالعاصمة الإدارية الجديدة داعيا الجميع لزيارتهما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة