لا يمكننا عقد الآمال على القمة الإسلامية الأمريكية، فى الرياض، لدحر الإرهاب والتطرف، مادامت هناك دول مشاركة بالقمة ترعى الإرهابيين وتمدهم بالمال والسلاح وتمنحهم الملاذ الآمن بل وتوفر لهم مناخ استقطاب وشراء عناصر جديدة تنخرط فى صفوف تلك التنظيمات المشبوهة، وتنفذ عملياتها من العراق إلى تونس.
وإذا كانت هذه القمة لها قطبان أو رأسان، الأول هو الرئيس الأمريكى ترامب والثانى تمثله الدول العربية الكبرى فى المنطقة، فعلينا أن نتساءل بموضوعية عما فعله ويفعله كل قطب فى القمة على صعيد مواجهة الإرهاب أو دعمه وتوظيفه واستخدامه لأغراض سياسية.
الجانب الأمريكى قولًا واحدًا هو المسؤول عن ظهور وانتشار ظاهرة الإسلام المتطرف والعنيف، كما أن الإدارة الأمريكية السابقة كانت وراء تدمير دول المنطقة بالكامل، وإعادة تقسيمها عبر المشروع الصهيو أمريكى للفوضى الخلاقة، وإعادة خلق المنطقة العربية على أساس طائفى وعرقى يحول دون قيام دول كبرى متماسكة يمكن أن تشكل أى تهديد محتمل لإسرائيل خلال المائة عام المقبلة، وبما يسمح لواشنطن بمغادرة المنطقة.
ما الذى تغير فى الاستراتيجية الأمريكية؟ لا شىء فى الجوهر وإن كانت التكتيكات والسياسات الجزئية قد طرأ عليها بعض التغيير، فترامب يتعامل مع المنطقة ودولها بعقلية التاجر وهو يراها بقرة حلوب يجب استنزافها حتى إذا نضبت مواردها يتم ذبحها، بحسب نص تصريحاته قبيل القمة مباشرة، ولذا كان معنيًا بالحصول على صفقات تتجاوز الأربعمائة مليار دولار من السعودية مقابل الحماية واستمرار الدول دولًا فى مكانها حتى حين، مع قليل من الكلام حول مكافحة الإرهاب، بينما الحقيقة تقتضى أن يعتذر ترامب عن إجرام أوباما فى حق الدول العربية المدمرة، وأن يتعهد بالضغط على أوروبا لتمويل مشروع مارشال جديد يتضمن إعادة إعمار الدول التى خربتها حروب الفوضى الخلاقة وعودة اللاجئين إلى ديارهم.
القطب الثانى فى هذه القمة هو الدول العربية الفاعلة فى المنطقة، وأعجب من حضورها تلك القمة وكثير منها متورط فى دعم الإرهاب وحمايته وتمويله وتوفير الحاضنة المجتمعية له، فكيف تشارك قطر مثلًا فى مثل هذه القمة برأس إمارتها تميم بن حمد وهو يمول علنًا فصائل الإرهاب فى العراق وسوريا وليبيا وسيناء ويؤوى أعتى الإرهابيين فى بلاده، ويرفض تسليمهم للإنتربول الدولى ويمول إعلامهم المتطرف بهدف زعزعة المجتمعات العربية.
وكيف نأخذ تلك القمة على محمل الجد والدول العربية المشاركة تدعم المنظمات المشبوهة ورجال الدين المتطرفين لجمع التبرعات وحشد الشباب لإرسالهم الى مناطق القتال فى العراق وسوريا وليبيا وسيناء؟ بل وكيف تعمل دول مثل قطر وتركيا وفق سياسات أوباما فى المنطقة حتى الآن دون ردع؟ وكيف تحصل جماعة إرهابية مثل الإخوان على دعم مالى وإعلامى من الدول العربية المشاركة فى القمة، إلا إذا كانت تلك الدول ترفع شعار مواجهة الإرهاب بينما توظف جماعاته فى صراعاتها وخلافاتها السياسية.
وللحديث بقية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة