لا أعتقد أن استخدام مصر لحقها فى الدفاع عن نفسها تجاه من يكيدون لها كيدًا بالأمر المستغرب.. فقد سبق أن ذكرت فى مقال سابق أن من حق مصر ونظامها أن يجمعا ملفًا كاملًا مملوءًا بالدلائل والقرائن التى تدين النظام القطرى الذى يسعى من خلال قنواته المشبوهة أن يشوه كل الأخبار والأحداث التى تبث. وكم أسعدنى القرار الذى نفذته مصر بحجب المواقع التى تحرض على الإرهاب وتحاول زعزعة الأمن والاستقرار فى ربوع مصر.
والحقيقة إننى أرى أن هذا القرار قد جاء متأخرًا بعض الشىء.. فمنذ قيام ثورة 30 يونيو كانت مصر تحاول أن تلملم شتات دولتها بعد أن تعرضت لكل المكائد التى حاولت النيل منها.. فى ذلك الوقت كنا فى حاجة إلى إيقاف كل من أراد النيل منا ومن استقرارنا لكن مصر رأت وقتها أن هؤلاء مجرد أقزام تلهو وتلعب وهل يضير العملاق لعب الصغار.
إلا هذا الجرذان تضخمت واستفحلت وبدلًا من أن تكون هناك قناة واحدة باسم الجزيرة مباشر من مصر ظهرت عشرات القنوات والمواقع الإلكترونية التى تنبح ليل نهار.. محاولة شق الصف ونشر الأخبار الكاذبة..ويحضرنى ماقاله لى أحد الزملاء الذين عملوا فى قناة الجزيرة كمراسل فى ميدان التحرير فى توقيت عزل مرسى وقيام ثورة 30 يونيو.
كان يطلب منه إرسال فقط الأخبار المسيئة لمصر والتى تضر بصورتها أمام العالم.. وعندما سأل رؤسائه فى القناة قالوا له نفذ الأوامر.. وقتها رأى أن وطنيته تمنعه من خيانة بلاده حتى ولو كان المقابل مغرى.. فأعتذر عن العمل فى القناة. وهناك أيضًا من أصابته لوثة المال وأشارت ضميره وانساق فى طريق لا عودة فيه وهم للأسف كثيرون كنّا نحسبهم مصريون حتى النخاع..
ربما يعترض البعض على ما قامت به مصر واعتبرته اختراق وجور على خصوصية المصريين فى تلقى الأخبار.
أقول للمعترضين أليس من حق مصر أن تُمارس سيادتها على أراضيها.. لماذا تطلبون أن تكون هناك قنوات غير مصرية تساند الإرهاب التى تكوى به مصر كل يوم ويسقط أبناءها شهداء وفى نفس الوقت لاتسطيع هذه القنوات حتى مجرد النقد الموضوعى لما تقوم به أنظمتهم الفاشية التى تربت على العمالة والخيانة.
من يريد متابعة هذه القنوات العميلة فهناك ألف طريقة لمتابعتها إلا الطرق الرسمية.. فهذه القنوات مثل الشياطين التى توسوس لأصحاب النفوس الضعيفة وتبث الفرقة فيها. ودور الإعلام المشبوه لهذه القنوات من شأنه تثبيط العزائم ونشر الفرقة. أليس من حق مصر المحافظة على أمنها القومى من نشر الدعاية المغرضة.. أليس من حق مصر أن تمنع النيل من سمعتها أمام العالم.
أليس من حق مصر منع بث أى أكاذيب من شأنها تكدير السلم والأمن العام.
لماذا ترون أن هذا الإجراء ضد الحرية.. أعتقد أن دولة مثل إنجلترا يتم تصنيفها من الدول التى تحرص على حقوق الإنسان وتدافع عن الحريات.. لا ننسى كلام رئيس وزرائها عندما قال «عندما يتعلق الأمر بسلامة وأمن واستقرار دولتهم فلتذهب حقوق الإنسان للجحيم».
فحتى فى جميع الأيدولوجيات التى خلقت على يد بشر هناك هامش من القيود من شأنه المحافظة على هيبة واستمرار نشر هذه الأيدولوجية وأعتقد أن القاعدة رقم واحد والتى لا يجب إغفالها هى احترام الآخر وعدم التدخل فى شؤونه.
هذا مافعلته مصر عندما حجبت ما يجب أن تحجبه.