تصلح قضية انتحارى مانشستر نموذجاً للغموض الذى يحكم العلاقة بين الإرهاب وأجهزة الأمن، خاصة فى بريطانيا، كما أنه يكشف عن الازدواجية والانتقائية فى التعامل مع الإرهاب، قامت الدنيا فى بريطانيا لأن الأمريكيين أعلنوا اسم سلمان العبيدى منفذ هجوم مانشستر الذى خلف 80 قتيلا وجريحا فى تفجير انتحارى أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه.
الأمريكان كشفوا اسم سلمان العبيدى، لشبكة «إيه بى سى» والإعلام الأمريكى، الأمن البريطانى انتقد الموقف الأمريكى باعتبار التسريب ما كان ينبغى أن يحدث فى ظل تبادل المعلومات الاستخباراتية فى البلدين، ونشرت الصحف البريطانية، ومنها جارديان انتقادات رسمية بريطانية للأمريكان بعد تسريبهم هوية منفذ هجوم مانشستر، فى الوقت الذى احتفظت فيه السلطات البريطانية بسرية هوية منفذ الهجوم.
الإعلام البريطانى يهاجم الأمريكيين لأنهم سربوا معلومات أمنية، ويدافعون عن الاستخبارات البريطانية التى تحجب اسم العبيدى، لكن نفس الإعلام يسارع فى نشر معلومات خاطئة وغير مؤكدة فيما يتعلق بالإرهاب فى مصر، ونجد البريطانيين يغضبون من تسريبات الأمريكان، ويبالغون فى نشر تقارير عن حادث المنيا أو عن الطائرة الروسية بعضها يبدو خدمة للإرهاب أكثر منه عملا إعلاميا.
اللافت للنظر فيما يتعلق بغضب البريطانيين من الأمريكان، حول تفجير مانشستر، هو التقارير والمعلومات التى أعلنتها الداخلية الليبية، حول مرتكب التفجير الانتحارى ووالده، وهى معلومات تمثل علامات استفهام عن علاقة الأمن البريطانى بالتنظيمات الإرهابية، بريطانيا أعلنت أن سليمان العبيدى مولود فى بريطانيا لأب معارض للقذافى هرب من ليبيا، لكن الداخلية الليبية أصدرت بيانان أعلنت فيه أن والد سليمان العبيدى «منفذ الهجوم الانتحارى بمانشستر»، كان مقاتلا فى تنظيم القاعدة، وأن ليبيا أبلغت عنه السلطات البريطانية منذ 10 سنوات فى إطار التعاون الأمنى بين ليبيا وبريطانيا، ولكنها فوجئت بأن بريطانيا منحته الجنسية كلاجئ سياسى، كما أن التقارير الليبية تشير إلى أن أمريكا منعت دخول والد سليمان العبيدى ورفضت إعطاءه تأشيرة دخول فى 2012، وأنه حاول الدخول بعدها مرة أخرى لأمريكا مستخدما جواز سفر مهمة «قطرى»، وتمت إعادته من مطار كيندى. واتضح أن مرشد سليمان العبيدى هو عبدالباسط عزوز زعيم الجماعة الليبية المقاتلة التى تمثل تحالفا للإخوان والقاعدة بشرق ليبيا، ومن المصنفين على قوائم الإرهاب الأمريكية.
ويبدو أن غضب الاستخبارات البريطانية، والإعلام تجاه التسريبات الأمريكية، يتجاوز الغضب فيما يتعلق بتبادل المعلومات، لكنه غضب من ظهور المزيد من الخيوط عن تعاون أمنى بريطانى مع التنظيمات الإرهابية. وهل هو تعاون معلوماتى، أم تحالف استراتيجى، ضمن تشابكات خيوط تشير إلى علاقات خلفية أكبر من مجرد العمل الأمنى، إلى لغز أوسع من غضب بريطانى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة