فى إطار العلاقات الاستراتيجية بين مصر وروسيا والحرص على دفعها قُدما خلال الفترة المقبلة، انطلقت صباح اليوم الإثنين جلسة مشاورات موسعة بين وزير الخارجية سامح شكرى ونظيره الروسى سيرجى لافروف فى إطار اجتماعات صيغة 2+2 بين وزيريّ الخارجية والدفاع فى البلدين التى تشهد القاهرة أعمالها حاليا.
وصرح المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية فى بيان صحفى، بأن المشاورات بدأت بترحيب شكرى بنظيره الروسي، مؤكدا علي الطبيعة الخاصة لصيغة 2+2 التي تفعّلها روسيا مع ست دول فقط من بينها مصر، والتي تعتبر الدولة العربية الوحيدة التي فعّلت روسيا معها هذه الصيغة، وهو ما يعكس خصوصية العلاقات بين مصر وروسيا وعمق الشراكة بينهما فى شتى المجالات.
وفي هذا الصدد، جدد وزير الخارجية التزام مصر بتعميق التشاور والتنسيق مع روسيا، لاسيما فيما يتعلق بالقضايا والأزمات الإقليمية في ظل تعقد المشهد الإقليمى، وهو ما يتطلب تضافر جهود القوي الدولية والإقليمية من أجل الخروج من المأزق الحالى.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية، أن سامح شكرى استعرض ملامح برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تتبناه الحكومة المصرية، وما تم إنجازه حتي الآن من إجراءات اقتصادية غير مسبوقة، مشيرا إلى ما يحظى به هذا البرنامج من ظهير شعبى على الرغم من صعوبة الإجراءات التي تم اتخاذها حتى الآن.
كما أكد الوزير شكرى على اهتمام مصر بتعزيز العلاقات الاقتصادية مع روسيا بشقيها التجاري والاستثمارى.
من جانبه، أشار وزير خارجية روسيا، إلى اتفاق عام 2009 للتعاون الاستراتيجي بين البلدين كأساس للعلاقات الثنائية، مشيرا إلى أهمية تحديث هذا الاتفاق وتعزيزه خلال المرحلة القادمة ليعكس عمق وإستراتيجية العلاقات بين البلدين.
كما تناول الوزيران ملف أمن الطيران، حيث استعرض وزير الخارجية الإجراءات والجهود التى قامت بها السلطات المصرية من أجل تعزيز أمن المطارات لتوفير الحماية الكاملة لمواطنيها ولكافة ضيوف مصر، وفى مقدمتهم السائحين الروس، حيث أكد الوزيران حرص البلدين على استئناف الطيران المباشر بين مصر وروسيا فى أقرب فرصة ممكنة.
وحول مواقف البلدين تجاه القضايا الإقليمية، استعرض وزير الخارجية جهود مصر المتواصلة مع كافة الفرقاء فى ليبيا بهدف تقريب وجهات النظر بينهم، وإحلال الأمن والاستقرار في الدولة الشقيقة، مشيرا إلى مركزية اتفاق الصخيرات ووجود توافق ليبى حالى على أهمية إدخال بعض التعديلات على الاتفاق لتحقيق التوافق الوطنى الكامل حوله.
كما تطرقت المشاورات إلى تطورات الأزمة السورية، حيث أعرب شكري عن تقدير مصر للدور الروسي فى إنجاح مسار الآستانة، وتطلع مصر لأن يؤدى هذا المسار إلى وقف شامل لإطلاق النار وتعزيز مسار المحادثات السياسية.
وفيما يتعلق باليمن، اتفق الجانبان على أهمية الحل السياسى، وضرورة تعزيز الجهود الإقليمية والدولية في هذا الاتجاه. كما تطرق الوزيران إلى القضية الفلسطينية والانخراط الأمريكي الإيجابي لإحياء المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، حيث أشار الوزير الروسى إلى أهمية تنشيط دور الرباعية الدولية مرة أخرى لدعم تلك الجهود.
وأردف المتحدث باسم الخارجية، أن جهود محاربة الإرهاب استحوذت علي جانب كبير من مباحثات وزيرى الخارجية، حيث قدم الوزير الروسى تعازيه فى ضحايا الحادث الإرهابي الغاشم بالمنيا، معربا عن ثقته في قدرة الدولة المصرية علي التصدي لمثل هذه الأفعال الإرهابية التي لن تفلح في شق اصطفاف الشعب المصري في مواجهة الإرهاب، مجددا دعم بلاده الكامل لمصر في مواجهة هذه الهجمة الإرهابية الشرسة. كما أشاد بالدور المصري في التصدي لظاهرة الإرهاب الدولى من خلال عضويتها بمجلس الأمن، خاصة بعد اعتماد الإطار الدولى الشامل لمكافحة الفكر المتطرف الذى قدمته مصر لمجلس الأمن مؤخرا.
وقدم شكري شرحا للرؤية المصرية الشاملة لمحاربة الإرهاب وفقا للخطاب الأخير للرئيس السيسى أمام قمة الرياض الأمريكية العربية الإسلامية، مشددا على ضرورة عدم الانسياق وراء مصطلحات مضللة وغير دقيقة مثل التطرف العنيف، باعتبار أن التطرف بكافة روافده يمثل أساسا فكريا لجميع الأعمال الإرهابية التي شهدتها أنحاء متفرقة من العالم مؤخرا. وأضاف بأن مصر عازمة على التصدي بقوة للجماعات الإرهابية.
واختتم المستشار أبو زيد تصريحاته، مشيرا إلى أن محادثات شكرى ولافروف تطرقت أيضا إلى التنسيق فى المحافل متعددة الأطراف، حيث تناول الوزيران نتائج الاجتماع التحضيرى الأول الذي عُقد في فيينا مؤخرا للإعداد لمؤتمر المراجعة الخاص باتفاقية منع الانتشار النووي، حيث أعرب شكري عن تطلع مصر لدعم روسيا باعتبارها إحدي الدول المودع لديها الاتفاقية، وإحدى الدول الثلاث الراعية لقرار 1995 بإنشاء منطقة خالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط، مطالبا روسيا بوضع أفكار ومقترحات محددة لتنفيذ قرار 1995.
تجدر الإشارة إلى أن الحوار الاستراتيجى بين مصر وروسيا بصيغة "2+2" قد تم تفعيله لتصبح مصر الدولة السادسة التى ترتبط معها روسيا بمثل هذا الإطار الهام من المباحثات الاستراتيجية على مستوى وزيرى الخارجية والدفاع بعد الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان، وهو ما يعكس القيمة الاستراتيجية التى تحظى بها مصر فى السياسة الخارجية الروسية باعتبارها مركز الثقل الاستراتيجى فى المنطقة، خاصة وأنها الدولة العربية الوحيدة التى فعّلت معها موسكو هذه الصيغة، هذا وقد عقد الجانبان اجتماعين فى إطار هذه الصيغة، الأول بالقاهرة فى نوفمبر 2013، والثانى بموسكو فى فبراير 2014.