قصواء الخلالى

"المرأة الحديدية" و"البدلة العسكرية "

الثلاثاء، 30 مايو 2017 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت أقف فى أحد الممرات وشاهدتها قادمة؛ وجه صافى ومشرق وقوام ممشوق وخطوة واثقة تبدو وقد احترفت ارتداء الكعب العالى حتى الوصول إلى هذه المشية السريعة جدًا به .
كانت تبتسم للجميع بكل تواضع وهدوء، حتى مرت بجانبى داخل قطاع الأخبار وابتسمت لى بدون سابق لقاء، وتجاوزتنى وأنا مازلت مشدوهة بهذا الكم من التفاصيل التى تمتلكها وتجيد التصرف فيها وبها، كانت أجمل بكثير من إطلالتها الرائعة على شاشة التليفزيون المصرى، حتى أننى حقيقة لم أعرفها حتى أصبحت بجانبى مباشرة وتيقنت أنها المتمكنة الإعلامية صفاء حجازى.
مرت السنوات وأنا أتعامل معها من مسافة معتدلة، وكانت دائمًا كلما التقتنى توجه لى بصوتها الرخيم القوى القادم من طبقات لا يمتلكها الكثيرون كلمات الاستحسان والتشجيع بكل تواضع، وأنا أرد بأنها الأستاذة الكبيرة .
بنهاية فترة الإخوان رأيت الأستاذة صفاء حجازى وهى تدعم الدولة المصرية وتنحاز للمصريين بموقف واضح لا مواربة فيه ويشهد الزملاء على ذلك فى وقت تمايع فيه المسئولون خوفًا وطمعًا.
وكانت تتواجد فى الاستوديوهات لفترات طويلة وتشرف على البث المباشر من قطاع الأخبار وتستمر لساعات طويلة.
وأذكر أننى فى إحدى التغطيات التى قمت بها إبان ثورة ٣٠ يونيو كانت تحدثنى فى السماعات وتشد من أزرى وتهون على الوقت والبرودة داخل الاستوديو لفترة طويلة بلا كلل منها، رغم أننى لم أكن من المقربين لها. كذلك الحال كنت شاهدة على مواقف إنسانية كثيرة جدًا قامت بها يعلمها كثيرون وما خفى أعظم بالتأكيد .
بتوليها رئاسة قطاع الأخبار تم اختيارى لتقديم التوك شو الرئيسى للتليفزيون المصرى، وهو برنامج على اسم مصر، فقامت هى بإبلاغى بالأمر واتصلت بى قبل الحلقة الأولى لتخبرنى بأننى واحدة من أفضل المذيعين، وفوجئت بعد الحلقة بأنها اتصلت وأخبرتنى أنها فخورة بى وبما قدمت. وقد أسعدتنى جدًا المكالمة المقتضبة ولم أزل أذكرها.
ثم انقطعت علاقتى بها، لم أتواصل معها نهائيًا وتقدمت أنا بإجازة لفترة طويلة وعدت إلى العمل فوجدتها قد أصبحت رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وقد أطلقت عليها الصحافة لقب "المرأة الحديدية"، وقد أحسن من أطلقه .
لبعد موقعها عنى لم ألتق بها لكنى لاحظت أن بعض قراراتها كان هناك اختلاف عليها داخل ماسبيرو.. إلا أن الجميع كان يتفق على أنها شخصية قوية وسيدة جادة وطنية .
بعد فترة من رئاستها للاتحاد تدهورت جدًا حالتها الصحية وسافرت للعلاج، وحدث أن قابلت أنا فى إحدى المناسبات بعض الشخصيات المهمة والعالمة ببعض بواطن الأمور فى الدولة وتطرقوا فى الحديث لذكرها، فقالوا إنها كانت جنديًا من جنود ثورة الثلاثين من يونيو، وكان لها دور كبير جدًا فى نجاحها، وأنها تحملت الأحاديث والتشكيك والهجوم عليها من بعض الجاهلين بالأمور دون أن تتأثر.
 وقيل حرفيًا: "صفاء حجازى فى هذه الفترة غامرت بنفسها واستبيعت عشان مصر وكان ناقصها تلبس البدلة العسكرية". وبعدها سمعت أحاديث مشابهة عنها بمعلومات مختلفة من أكثر من مسئول وفى أماكن مختلفة.
حقيقة أنا لم أتعامل معها منذ سنوات، ولكننى كنت أتابع بشغف نجاحها كسيدة مصرية قوية وصمودها أمام المرض وقيامها بمهام عملها، وهى فى أسوأ الظروف الصحية.
لم أكن أستطيع أن أكتب كلمة واحدة عن الإعلامية القديرة صفاء حجازى من قبل، لكننى الآن أستطيع أن أكتب فى رثائها وأن أنقل شهادة حق عن زميلة وأستاذة وسيدة ومديرة قوية ومنضبطة وإنسانة.. اختلفنا معها واحترمناها ..
سيدة لم تمر فى تاريخ مصر مرور الكرام، بل تركت بصمة أنقل بعضها هنا لعل من يتعظ.
 رحلت صفاء حجازى الوطنية الحادة الواضحة المتفردة، وسيبقى ذكرها حيًّا كما المخلصين لهذا الوطن.. فى وقت تمر به مصر وقد عاش فيها بعض من كرهوا الوطن وتأمروا عليه ليستحقوا الموت ألف مرة.
رحم الله المحترفة صفاء حجازى. 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة