يحلو للبعض أن يعيد تفسير شهر رمضان تفسيراً هروبياً، يعفيه من واجباته ومسؤولياته، وكأنه يتلقف المناسبة الروحية الكبرى ليحصّل منها مبرراً إضافياً للتكاسل والتواكل، بدل أن يبدأ من جديد مع الشهر الفضيل أو يقرن المناسبة الروحية بالعمل حتى ينال الثوابين.
البعض يجعل من شهر رمضان شهراً للعبادة بالمفهوم السلبى، باعتبار العبادة، والعياذ بالله، ضد العمل وضد السعى وضد التفكير والابتكار وضد النزول من البيت أصلاً، ولذلك تجد كثيراً من الموظفين لا يذهبون إلى أعمالهم أول أيام رمضان، بل يدمجون يوماً قبل أو بعد، مع يوم الإجازة الرسمية وقد يمتد اليوم إلى يومين وثلاثة، ولو حدث وذهب إلى عمله يذهب لا ليقضى مصالح العباد الصائمين مثله، وإنما ليجلس فى مقعد العمل ويفتح المصحف لينهى ورده اليومى أو يقوم للصلاة قبل الوقت بساعة، ولو اعترض مواطن صائم مسكين يريد إنهاء مصلحته ينفجر الموظف فيه: «كل سنة وأنت طيب يا سيدى، مش نخلى عندنا نظر إحنا صايمين، الشهر ده شهر عبادة»، إلى آخر الموال المحفوظ الذى يُراد به باطل.
هذا فى نهار رمضان قبل الإفطار، أو قبل الانفجار الكبير للطعام والمسلسلات وبرامج المقالب السخيفة والمنافسات الماراثونية على خطف عقل ووجدان المواطن الذى كان صائما وأفطر والحمد لله، لا السلوك الأول صائب، ولا السلوك الثانى صائب بالطبع، بعد أن حولنا شهر العبادة والصيام إلى وسيلة للهروب من المسؤوليات أو للهروب إلى التخمة والتسالى الفارغة، وما بينهما تأفف ونوم وتوتر غير مبرر وغير مقبول.
هل يمكن على عكس الاتجاه السائد أن نجعل من شهر رمضان شهراً للعمل، للابتكار، للاجتهاد، كأن يكون الشهر الفضيل هو الشهر الذى يدشن فيه المصريون أول بنك شعبى للأفكار وبراءات الاختراع والمشروعات والمبادرات التى تساعد صناع القرار على النهوض بالأمور للأفضل، ومشاركة المسؤول مسؤولياته لتصبح إدارة البلد مسؤوليتنا المشتركة.
هل يمكن أن نضع لأنفسنا هدفا فى شهر رمضان، بأن نفتح كل مصانعنا المغلقة مثلاً، أو أن يكون الشهر الفضيل مناسبة لوقف سرقة الكهرباء أو إلقاء القمامة فى الشوارع أو المصالحة المجتمعية الشاملة؟
اللهم تقبل منّا جميعاً..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة