- رئيس مركز توظيف مستثمرى أكتوبر يكشف: الشاب المصرى بيسأل على المرتب قبل ما يشتغل وهو ضحية نظرية "بابا وماما"
2000 فرصة عمل لا تجد عاملين لها
عضو بجمعية مستثمرى أكتوبر: السوريون يقبلون بنفس المرتبات المرفوضة من المصريين
تبقى البطالة هى أحد التحديات التى تواجه المجتمع المصرى بمختلف فئاته، والشبح الذى كان يطارد الحكومات المتعاقبة باعتبارها المشغل الأول فى الاقتصاد المصرى، حيث يظل التعيين داخل الهيكل الحكومى المطلب الأول لكثير من الشباب، ولكن فى السنوات الأخيرة تحول هيكل التوظيف والتشغيل من الحكومة إلى القطاع الخاص، وأصبح هو المحرك الأساسى لمعدلات التوظيف لأنه يشكل حاليا نحو 85% من الاقتصاد المصرى.
وبعيدا عن الشعارات السياسية التى تستخدم مفهوم البطالة لتدعيم أغراضها، فإن البطالة تشكل لغزا فى مصر يحتاج إلى تفسير، وهو الفجوة القائمة بين عدد الشباب العاطلين عن العمل وفرص العمل المتاحة فى القطاع الخاص، وهو ما يطرح تساؤلات حول أسباب عزوف الشباب عن العمل بالقطاع الخاص والبحث عن وظائف بالحكومة، رغم أن القطاع الخاص يسيطر على النسبة الأكبر من الاقتصاد المصرى.
جمعية مستثمرى السادس من أكتوبر تجسد أحد التجارب العملية لواقع سوق العمل حاليا فى مصر، حيث أنشأت منذ عام ونصف مركزا متخصصا ليكون حلقة الوصل بين المصانع التى ترغب فى العمالة والشباب الباحث عن فرص عمل، ويمتلك المركز حاليا نحو 2000، فرصة عمل مختلفة ولكنه لا يجد باحثين جادين عن العمل.
ومن جهته يقول رومون عطا الله رئيس المركز: "نطلب خريجين حملة مؤهلات متوسطة وتحت المتوسطة وغير مدربة للعمل بالمصانع ولكن المشكلة أن المتقدم للوظيفة غير مقتنع بالعمل من الأساس فى المصانع لعدم اقتناعه براتبه الشهرى خلال فترة التدريب، علما بأن راتب العامل المدرب والكفء فى المصانع لا يقل عن 3 آلاف جنيه شهريا وذلك بعد مرور 6 أشهر على الأقل".
وأوضح رومون أن كافة الوظائف تراعى توافر الشروط الأساسية لكل شاب مبتدئ يبحث عن العمل، وهى التعيين من اليوم الأول والتأمينات الاجتماعية والتأمين الصحى ووسائل انتقال وسكن للمغتربين.
وسجلت معدلات البطالة وفقا لآخر تقرير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء نحو 12% خلال الربع الأول "يناير – مارس" من العام الجارى 2017.
وحازت فئة الشباب وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الأخيرة على نسبة 79% من إجمالى المتعطلين، خلال الربع الأول من العام الحالى 2017، 39.2% منها للفئة العمرية من "25-29" سنة، و32% منها للفئة العمرية من "20-24"، وتأتى تلك الأرقام لهاتين الفئتين رغم أنهما الأكثر ملائمة للعمل.
العمالة غير المدربة، أحد الأسباب التى ساهمت فى زيادة معدلات البطالة، نتيجة عدم ملائمة الخريجين لاحتياجات سوق العمل، وهو ما اعتبره محمد سعفان وزير القوى العاملة فى كلمته خلال أحد جلسات مجلس النواب أبريل الماضى، بأنه يعوق من فرص عملها فى الداخل والخارج، لذلك تعتمد مرتبات العاملين بالمصانع على معيار الكفاءة.
وقال رومون عطا الله، إن كل ما نطلبه من المتقدم للوظيفة أن يحصل على راتب أساسى 1400 جنيه لمدة ثلاثة أشهر فقط، لأن المتقدم للوظيفة فى تلك الفترة يخضع لفترة تدريب على العمل كل فى اختصاصه، ويزيد الراتب الأساسى للعامل مع سرعة اتقانه للعمل، ولكن الشباب المصرى ليس لديهم ثقافة العمل، وهناك قطاع عريض بين الشباب نتنشر بينهم ثقافة "احيينى النهاردة وموتنى بكره"، حيث أن المتقدم للوظيفة يحدد مصير العمل على الراتب الذى يتقاضاه خلال فترة التدريب ولا ينظر إلى راتبه بعد عام من انتظامه واتقان العمل.
وحمل رئيس مركز توظيف مدينة 6 أكتوبر الصناعية الأسر المصرية جزء كبير من الثقافة التى تنتشر بين أبنائهم، حيث يحرص الوالدين على توفير نفقات أبنائهم واحتياجاتهم بدلا من تشجيعهم على العمل.
وقدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء نسبة المتعطلين من حملة الشهادات المتوسطة وفوق المتوسطة بنحو 51.9%، و40% بين حملة المؤهلات الجامعية فما فوقها.
وتحكى رانيا صبرى، مسؤول المتابعة بمركز توظيف السادس من أكتوبر، أغرب مواقف المتقدمين للعمل بعد قبولهم بالمصانع فى أول يوم عمل، من بينها شاب تم قبوله للعمل بأحد المصانع، وفى يومه الأول بعد مرور 15 دقيقة من بدء ساعات العمل الرسمية طلب مغادرة المصنع لأن "الجو حر" وأنه غير قادر على استكمال العمل، وآخر طلب زيادة المرتب عن 1400 جنيه قيمة العقد لتناسب ساعات العمل الرسمية 8 ساعات، أما الأغرب من ذلك تقدم شاب لا يحمل أية مؤهلات تذكر للعمل وأشترط أن يحصل على راتب 3 آلاف جنيه رغم أنه غير مدرب من الأساس.
وأوضحت رانيا، أن نسبة الشباب اللذين استمروا فى وظائفهم خلال منذ بدء نشاط المركز وحتى الآن لا تزيد عن 10%، علما بأن المركز يتابع مع الشباب الحاصل على الوظيفة التزام المصانع المشاركة بشروط التعاقد أولا بأول، وحصوله على المرتب الذى تم الاتفاق عليه وفقا للعقد من عدمه.
لعبت نماذج الكسب السريع والمربح فى بعض القطاعات فى الفترة الأخيرة دورا فى كبيرا فى لفت انتباه نسبة كبيرة من الشباب عن قيمة العمل فى قطاعات أخرى لأنها أكثر شعبية مثل كرة القدم، لارتباطها بالشهرة، وهو أحد المشاكل التى واجهت مركز توظيف مدينة السادس من أكتوبر، وفقا لرمون عطا الله، وأدت هذه النماذج إلى إحداث خلل فى منظومة العمل لدى الشباب، بحيث أصبح الشاب يقارن بين عائد تلك الوظائف ومن هم فى مثل مرحلته العمرية فى كرة القدم على سبيل المثال، وتكون النتيجة عطالة الشباب بحجة عدم وجود وظائف مناسبة لهم.
وأكبر دليل على تأثير شيوع هذه الفكرة بين الشباب، هو قبول العمالة السورية العمل بنفس المرتبات التى يرفضها الشباب المصرى، رغم أن الأعباء الاقتصادية التى يعانى منها الشباب السورى فى مصر لا تقل عما يواجهه الشاب المصرى، وهو ما أكده مصطفى التونى عضو مجلس إدارة جمعية مستثمرى 6 أكتوبر، ورغم تلك الأعباء استوعب سوق العمل فى المنطقة الصناعية عدد كبير من العمالة السورية الجدد بل وتحول بعض السوريين إلى أصحاب عمل ويعمل لديهم مصريين.
وأضاف التونى، أن العامل السورى لديه ثقافة العمل، حيث يتميز بالتزامه فى مواعيد العمل حضورا وانصراف، كما أنهم عمالة مدربة ولديهم خبرة كبيرة فى العمل الفنى وهو ما يفسر استيعاب العمالة السورية دون خروج العمالة المصرية من سوق العمل أو التأثر سلبا على فرص المصريين.
وفى المقابل يرى رومون عطا الله أن الشاب المصرى ضحية نظرية الاكتفاء الذاتى من "بابا وماما" على حد وصفه ، أما الشاب السورى لديه وعى بأهمية العمل لأنه ليس أمامه بدائل، علما بأن الشاب السورى لديه التزامات مادية أكبر من الشاب المصرى فى السكن والطعام وتوفير نفقات أسرته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة