تتنافس العديد من الدول فى سوريا على تقسيم الأراضى بينها، ولهذا اتفق قادة روسيا وتركيا والولايات المتحدة، يوم أمس الأربعاء، على ضرورة إقامة مناطق آمنة فى سوريا بعيدة عن الحرب الدائرة فى البلاد منذ أكثر من ست سنوات، والتى راح ضحيتها أكثر من 320 ألف شخص، فى الوقت الذى غيرت فيه دمشق من رأيها الرافض لهذا المقترح، ورحبت بإقامة مناطق "تخفيف التوتر".
وتم إعداد هذه الخطة بطلب من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى طلب من وزارتى الدفاع والخارجية فى أمريكا، نهاية يناير الماضى بصياغة خطة لإقامة مناطق آمنة فى سوريا، وهو المقترح الذى رحبت به تركيا وقطر ووافقت عليه موسكو بشرط موافقة النظام السورى ومشاركة الأمم المتحدة فى إدارتها.
ولهذا وقعت روسيا وإيران وتركيا اليوم (الخميس) مذكرة تفاهم فى شأن إقامة مناطق آمنة فى سورية، فى حين انسحب وفد المعارضة السورية المسلحة من جولة جديدة من محادثات السلام فى آستانة عاصمة كازاخستان.
وفى هذا الصدد، قال الخبير المصرى فى جامعة نيجنى نوفجورود الروسية عمرو الديب، إن هذه الخطة ليست وليدة اليوم، ولكن هى خطة جاء بها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لذلك منذ شهرين أو ثلاثة تقابل كل من رئيس الأركان للجيش الأميريكى ورئيس الأركان للجيش التركى مع رئيس الأركان للجيش الروسي، لمناقشة إدخال هذه الخطة حيذ التنفيذ إلا أنه حينها تم التوقف عن مناقشتها لأسباب غير معلنة.
وأضاف الديب فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه بالحديث مرة أخرى عن هذه الخطة فقد تم خلال زيارة وزير الاستخبارات الإسرائيلا لواشنطن الأسبوع الماضى، توقيع مذكرة تفاهم من شأنها العمل على طرد القوات الإيرانية من سوريا ولبنان، وإضعاف قوة حزب الله.
وأشار الخبير المصرى عمرو الديب إلى أنه إذا نظرتنا لخريطة المناطق الآمنة المزمع إقامتها سنجد أن الولايات المتحدة ستسيطر على الجنوب السورى للدفاع عن مرتفعات الجولان والحدود الشمالية الإسرائيلية، وللعلم فإن القوات الأمريكية المرابطة فى الأردن جاهزة للتحرك مع أول إشارة، وسيكون هناك اعتراف رسمي للسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان من جانب الولايات المتحدة، كما جاء فى مذكرة التفاهم الأمريكية - الإسرائيلية الأخيرة.
وأوضح الباحث المصرى عمرو الديب، أن المناطق السورية غرب نهر الفرات وعلى الساحل السورى على البحر الأبيض المتوسط هى من نصيب روسيا على الورق، فتقسيم سوريا كقطعة تورتة هو أمر منتظر، ولهذا السبب شاركت كل هذه الدول فى الحرب السورية، وأنفقت مليارات الدولارات، والأمر المهم هنا هو أن هدف هذه الخطة لن يكون إيران، ولكن التواجد الروسى فى الشرق الأوسط.
ونوه الديب بأنه إذا فقدت القيادة الإيرانية الثقة فى القيادة الروسية، وكذلك إذا فقدت القيادة السورية الثقة فى الروس فلن يكون هناك تواجد روسى بعد الآن فى سوريا ولا فى غيرها، لأن التواجد الروسى فى سوريا مرهون بقوة التواجد الإيرانى - السورى وحزب الله، وستخسر روسيا كل ما عملت لأجله فى الست سنوات الماضية.
من جانبها، رحبت مصر، فى بيان صادر عن وزارة الخارجية اليوم الخميس، بالاتفاق الذى تم التوقيع عليه فى ختام الجولة الرابعة من مفاوضات أستانة بشأن الأزمة السورية، والذى ينص على إقامة أربع مناطق منخفضة التوتر فى سوريا.
وأكد البيان دعم مصر لكافة الجهود الرامية إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار فى جميع الأراضى السورية، والوقف الفورى للعنف، وتحسين الأوضاع الإنسانية، وتطلع جمهورية مصر العربية لأن يسهم الاتفاق الأخير فى استئناف مباحثات جنيف السياسية فى أسرع وقت تحت إشراف الأمم المتحدة.
كما شدد بيان وزارة الخارجية على الموقف المصرى الثابت القائم على ضرورة إيجاد حل سياسى ينهى الأزمة السورية، ويحافظ على وحدة الأراضى السورية واستقلالها، وينهى وجود التنظيمات الإرهابية بها، ويحقق تطلعات الشعب السورى الشقيق وآماله، استنادا إلى مخرجات مسار جنيف وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة