أيًا كانت نتائج الانتخابات الفرنسية، فلم تعد الديمقراطيات فى أوروبا بعيدة عن التدخلات الخارجية والداخلية، التى تستهدف إرادة الناخبين، وحتى استطلاعات الرأى ليست بريئة.. للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى انحيازاتها، وكل نظام له انحيازاته لصالح المرشح الأقرب لمصالحه، ضمن حرب باردة تظهر للعلن فى عصر التسريبات.
قبل ساعات من جولة الحسم بين مارين لوبان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية، ممثلة اليمين المتطرف، وإيمانويل ماكرون، المرشح المستقل، تعرضت حملة «ماكرون» لتسريب رسائل إلكترونية عن خططه الاقتصادية والمالية حال فوزه، بعضها يناقض ما هو معلن فى برنامجه.
روسيا المتهم الأول فى قضية التسريبات الفرنسية.. مسؤولون فرنسيون وجهوا اتهامات لروسيا بالسعى للتدخل فى الانتخابات، ودعم مارين لوبان.. الروس كانوا ومازالوا متهمين باختراق الانتخابات الأمريكية والتأثير فيها.. الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما أعلن عن دعمه لـ«ماكرون»، وأعرب مسؤولون فى الحزب الديمقراطى عن تضامنهم مع «ماكرون»، وقال بريان فالون، المتحدث السابق باسم المرشحة الخاسرة هيلارى كلينتون: «بوتين يشن حرًبا ضد الديمقراطيات الغربية، ورئيسنا يقف على الجانب الخطأ»، يقصد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى أعلن فى وقت سابق أن هجوم الشانزليزيه الإرهابى يدعم مارين لوبان، لكنه عاد وأعلن على لسان المتحدثة، سارا هاكابى، أنه سيعمل مع أى رئيس يختاره الفرنسيون.
فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة تم اختراق بريد هيلارى وحملتها، ونشر التسريبات على الإنترنت، واتهمت الحملة الهاكرز الروس بالمسؤولية عن الاختراقات.
ونفى الكرملين أن يكون وراء هذه الهجمات على حملة «ماكرون»، الذى اتهم معسكره وسائل الإعلام الروسية، ومجموعة من المتسللين فى أوكرانيا، ومجموعة «APT 28»، المرتبطة بالاستخبارات العسكرية الروسية، بأنهم وراء التسريب، وأن الاختراق يتشابه مع اختراق الانتخابات الأمريكية، حيث أعلنت الاستخبارات الأمريكية فى يناير الماضى أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أمر باختراق الأحزاب المرتبطة بالمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون، للتأثير على الانتخابات لصالح دونالد ترامب.
وسبق أن حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من تدخلات روسية فى الانتخابات الألمانية وفى أوروبا، والدول التى تعارض السياسة الروسية.
عمليات التدخل والتأثير كانت موجودة دائمًا فى أثناء الحرب الباردة، ويحتفظ أرشيف الانتخابات الأوروبية بقصص عن تدخلات أمريكية لإسقاط الشيوعيين فى إيطاليا وفرنسا، أو تدخلات سوفيتية لصالح اليسار.. سقطت الأيديولوجيات، وبقيت التدخلات التى تعكس مصالح.
وبالرغم من التسريبات، ظلت استطلاعات تتوقع فوز «ماكرون»، لكن حتى استطلاعات الرأى لم تسلم من روائح التدخلات، لقيادة الرأى العام تجاه مرشح ما، و«ماكرون» الذى يسانده كل خصومه السابقين من اليمين واليسار، وبعضهم يشكك فى قدراته، لكنهم يعتبرونه الخيار الأقل سوءًا، والأهم أن السياسة تغيرت فى عصر العولمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة