"الموافقة على التعديلات الدستورية ستفتح الطريق أمام عودة عقوبة الإعدام.. وتركيا يمكن أن تجرى استفتاء آخر حول إعادة العقوبة ".. تصريحات لوح بها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان صبيحة الانتصار الذى حققه عبر تمرير التعديلات الدستورية لصالحه، واستحواذه على كافة الصلاحيات، ومن أجل تنفيذ مخطط تفريغ السجون التركية التى امتلأت عن آخرها وأصبحت تعانى الاكتظاظ بالمعارضة بحسب تصريحات رسمية لرئيس وزرائه بن على يلدريم، بدأ الرئيس التركى فى اتخاذ خطوات جادة لإجراء استفتاء "الاعدام" للتخلص من المعارضة.
وبحسب مراقبين فان محاولات إعادة عقوبة الإعدام فى تركيا، مساعى للنظام التركى لإفساح المجال أمام ممارسة المزيد من القمع، وذلك بعد تصريحات يلدريم والتى قال فيها إن "ثمة بعض الاكتظاظ بسبب الحرب ضد ما وصفه بالإرهاب"، ما دفع النظام التركى للتفكير فى طريقة للتخلص من التكدس وإخلاء السجون، مع استمرار حملات التطهير التى يقوم بها النظام التركى منذ ما يقرب من عام عقب محاولة الإنقلاب على الرئيس، فى ظل انتهاكات حقوق الإنسان وقمع المعارضة وتكميم الأفواه.
ومؤخرا أصدرت تركيا أوامر اعتقال شملت 107 قضاة ومدعين عامين تم فصلهم من الخدمة العامة، بدعوى عضويتهم فى منظمة إرهابية مسلحة، حيث تم الاشتباه فى انتماء المقبوض عليهم إلى حركة رجل الدين التركى المعارض فتح الله جولن الذى يعيش فى الولايات المتحدة، والذى تقول الحكومة التركية إنه وراء محاولة الاطاحة بالنظام فى 15 يوليو الماضى، وتعرض 4200 قاض وعضو بالنيابة العامة للفصل، وتم إبعاد ما يقدر بمائة ألف شخص عن الوظائف العامة ، فضلا عن اعتقال أكثر من 47 ألف شخص، منذ إعلان حالة الطوارئ الصيف الماضى.
غير أن عودة عقوبة الإعدام، وجهت معارضة أوروبية، حيث بدأت جولة جديدة من التصعيد الأوروبى ضد النظام التركى سيكون شعارها هذه المرة "استفتاء الإعدام"، فبعد أن حظرت دولا أوروبية كبرى تجمعات للحزب الحاكم فى تركيا لحشد تعبئة لتمرير استفتاء التعديلات الدستورية الذى رأته سيدخل تركيا فى نفق الديكتاتورية المظلم، رفضت دول القارة العجوز إجراء استفتاء على إعادة عقوبة الإعدام على أراضيها، والذى لوح بإجراءه الرئيس رجب طيب أردوغان حال تمرير التعديلات الجديدة واستيلاءه على كافة الصلاحيات فى قبضته.
وانضمت بلجيكا إلى صفوف الدول الأوروبية فى رفض إجراء استفتاء الإعدام على أراضيها، ومنها ألمانيا، حيث أعلن رئيس الوزراء البلجيكى شارليز ميشل أن بلاده لن تسمح بإقامة استفتاء شعبى فى السفارات التركية داخل أراضيها فى إطار الاستفتاء المحتمل إقامته بشأن إعادة عقوبة الإعدام فى تركيا بحسب صحيفة "زمان" التركية المعارضة.
وفى الوقت الذى أعلن فيه ميشل أنهم لن يسمحوا بإقامة استفتاء على عقوبة الإعدام نشر المتحدثون باسم أحزاب الإقليم الفلامندى وهى واحدة من الأقاليم الفدرالية الرسمية الثلاث التى تشكل المملكة البلجيكية بيانا مشتركا أوضحوا خلاله أن إقامة استفتاء على إعادة عقوبة الإعدام مناف لكل المبادئ التي يؤمنون بها لهذا سيلجئون إلى كل السبل القانونية الممكنة لمنع إقامة استفتاء كهذا داخل بلجيكا معربين عن رغبتهم في عدم تصويت الاتراك الذين يحملون الجنسية البلجيكية فى بلجيكا حال عقد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان استفتاءا على إعادة عقوبة الإعدام.
واعتبر رئيس الوزراء البلجيكى شارل ميشال أن الوقت حان لكى يتخذ الاتحاد الأوروبى قرارا نهائيا فى شأن "مأزق" عضوية تركيا، بعد "استفزازات" الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقال لوكالة "أسوشييتد برس": "لدى انطباع بأن عملية العضوية ليست الإطار الصحيح لإجراء حوار ناجح مع تركيا. لنكن صريحين، منذ أشهر هناك تسارع فى نأى الحكومة التركية عن القيم الأوروبية".
وأضاف: "أوضحت الشهور الماضية تطورات كثيرة في تركيا، والطريقة التى نظم بها الاستفتاء (على تحويل النظام رئاسيا)، وكان بوضوح حملة مناهضة لأوروبا. لذلك، فى نقطة معينة بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبى، يجب أن تكون للمازوشية حدودها. الأمر لا يتعلق بعضوية ناد اقتصادى أو سياسى، بل بعضوية مجموعة قيم جوهرية".
واستدرك ميشال: "تركيا ستكون دائما جارتنا، ولذلك هناك مصلحة استراتيجية كبرى فى إجراء حوار" معها. وتابع: "نقترب من لحظة الحقيقة مع تركيا، وأعتقد أكثر فأكثر بأن عملية انضمامها للاتحاد بلغت مأزقا".
من جانبها قالت ألمانيا إنها لن تسمح للأتراك فى أراضيها بأن يصوتوا فى أى استفتاء على إعادة العمل بعقوبة الإعدام، وقال شتيفن زايبرت المتحدث باسم الحكومة فى مؤتمر صحفى "سياسيا لا يمكن أن نتخيل أننا سنوافق على مثل هذا التصويت فى ألمانيا على إجراء يتعارض مع قانوننا الأساسى والقيم الأوروبية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة