"الفراعنة والقدماء المصريين قاموا بالغالبية العظمى من طقوس حياتنا فى مختلف فصول وشهور السنة، حيث عرفوا أعياد الربيع ومواسم الحصاد والزراعة بل حتى الصوم تقرباً للآلهة"، بتلك الكلمات تحدث الدكتور مصطفى وزير مدير عام آثار الأقصر، مؤكداً أن القدماء المصريين عرفوا "الصيام" للتقرب للآلهة وتهذيب نفوسهم من أية مخالفات أو ذنوب اقترفوها، حيث إنهم كانوا من أقدم الشعوب التى عرفت فكرة الامتناع عن الأكل والشرب للحصول على البركات ورضا الآلهة.
ويضيف مدير آثار الأقصر فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن كلمة "صوم أو صيام" أصلها فى اللغة الهيروغليفية يطلق عليه "صاو" والتى تعنى امتنع أو كبح، حيث إن الفراعنة كانوا يقيمون طقوسًا خاصة للصيام، حيث عرفوا فوائده فى الحفاظ على الصحة، وكذلك قاموا بالصيام للتقرب من الآلهة وأرواح الموتى وتهذيب النفس.
وعن مواعيد الصيام يقول الدكتور مصطفى وزيرى أن القدماء المصريين قاموا بالصيام فى فترات معينة وذلك فى عيد "وفاء النيل" فى عيده الذى اعتبروه مصدر الرزق والخير لهم، كما كانوا يصومون فى أيام الحصاد وجنى الثمار، وكان يعتقد المصريون أن صوم ثلاثة أيام فى الشهر يساعد على البقاء فى صحة جيدة، كما كانوا يتقربون لأمواتهم بالصيام، وذلك لظنهم أن صيام الأحياء يرضى الموتى لحرمانهم من طعام الدنيا.
فيما يقول الطيب غريب كبير مفتشى معبد الكرنك، إنه للصيام عند الفراعنة عادات مختلفة، حيث كان الكهنة فى العصور الفرعونية لهم تراث فى الصوم يختلف عن باقى الشعب، حيث أنه خادم المعبد كان يصوم 7 أيام متتالية من غير ماء قبل أن يلتحق بالمعبد، وقد تمتد فترة الصيام إلى اثنين وأربعين يومًا، ويبدأ صيامهم من طلوع الشمس إلى غروبها، إذ يمتنعون عن تناول الطعام ومعاشرة النساء.
ويضيف الطيب غريب لـ"اليوم السابع" أن الكاهن وخادم المعبد خلال الصيام كان يمر بعدة مراحل منها صيام عشرة أيام عن أكل اللحم، وشراب النبيذ، ثم يعقب ذلك تلقينه واجباته المتعلقة بالمسائل المقدسة، وذلك بعد صيام عشرة أيام أخرى، وحول طبيعة الصيام لدى الشعب خلال العصور الفرعونية، فقد كانوا يصومون أربعة أيام من كل عام، تبدأ عندما يحل اليوم الـ17 من الشهر الثالث من فصل الفيضان، وهناك نوع آخر من الصيام يحرّم فيه أكل كل شىء من الطعام، عدا الماء والخضر مدة سبعين يوماً.
ويؤكد كبير مفتشى معبد الكرنك أنه ليس الصيام فقط هو الصلة التى تربط الفراعنة بما يتم حالياً فى بلادنا خلال شهر رمضان المبارك، حيث إن الفراعنة هم أصحاب أغنية رمضان الشهيرة "وحوى يا وحوى"، والتى يعود تاريخها إلى أنه قد كان الملاك المسئول عن حركة القمر اسمه "ياحا" فأخذ القمر اسمه ياحا، وفى العصر الرومانى أصبح اسمه يوحا، أما كلمة "إى" فهى كلمة مصرية معناها "جاء"، فتكون كلمتا "إى ياحا" أو "إى يوحا" معناهما "جاء القمر"، أما كلمتى "واح – وى"، فكلمة "واح" مصرية وكان معناها الظهور رويدًا رويدًا، وبرزت منها "لاح" أى ظهر، وكلمة "وى" معناها نداء، فهو نداء يستحث القمر أو الهلال للظهور، حيث يقول المصريون للشخص الغائب عند العودة "واح شتنى"، أو "ليك وحشة"، فيكون معنى الجملة هنا (وحوى يا وحوى إيوحا) هو "اظهر أيها الهلال فلك وحشة".
ويضيف الطيب غريب، أنه أيضًا هناك قصة أخرى لتلك الكلمات "وحوى يا وحوى إيوحا" فى التاريخ المصرى القديم حين غزا الهكسوس مصر، وذلك عندما بعث ملك الهكسوس لمصر رسالة يطلب فيها إسكات أفراس النهر التى تزعجه فى منامه، فرد عليه المصريون بإعلان الحرب، والتى كان لـ"إياح حتب" وتعنى قمر الزمان ملكة مصر دور كبير فيها، وهى زوجة الملك "سقنن رع" الذى مات أثناء حربه مع الهكسوس، فقدمت "إياح" وإبنها "كامس" ثم "أحمس" الذى أنزل بالهكسوس شر هزيمة وطاردهم حتى فلسطين، وبعد الفوز خرج الشعب حاملاً المشاعل لاستقبال الملكة التى قدمت زوجها وابنها البكر فداء للوطن، ويعلو الهتاف للملكة "وحوى وحوى إياحا" أى هل القمر.
وأكد أن الكهنة فى العصور الفرعونية كانوا يحملون فى إحتفالية هلال القمر مصابيح زيتية بغرض الإضاءة ومباخر للتبخير وهم ينشدون "واح وى واح وى إيإ ياح" وكان يستمر هذا الاحتفال طوال الليل حتى شروق الشمس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة