بعد صلاة العصر فى أحد أيام رمضان بساحة مسجد الإمام الحسين، يتزاحم الناس للتمسح بالضريح العريق، يقف أحدهم هامساً بصوت خفيض يطلب من الله فى توسل، ويقف أخر باكياً على أحد الأركان، بينما يتزاحم المهللون رافعين أصواتهم طالبين الحسنات من زوار الضريح وعشاق سيدنا الحسين من الساحة وحتى الغرفة التى يستقر بها الحسين وتفوح منها رائحة البخور، وجوه مختلفة من كل جنس ولون جاءوا لتذوق طعم رمضان فى رحاب سيدنا الحسين، أما "أم بدوى" التى يعرفها الزوار الدائمون جيداً فلها شغل آخر بين المارة والباكون والمتضرعون بالأدعية.
لها مكان ثابت فى ساحة المسجد الضخم، افترشت حصيرة متواضعة، وأحاطت نفسها بأوانى الطهى وبوابير الجاز، لا تكاد ترفع وجهها من فوق إناء ضخم يمتلئ بالزاد للزوار، الأطباق الصغيرة جاهزة ومغسولة جيداً لتضع بها ما طهت منذ الصباح، لتطعم "ضيوف ربنا" من جيبها الخاص طوال شهر رمضان، وهو ما تقوم به كل عام منذ 40 عاماً.
من بين صحونها المتراكمة تحدثت "أم بدوى" المرأة الستينية لليوم السابع عن طقس إطعام زوار بيت ربنا على حد تعبيرها ويقينها الكامل بأهمية ما تفعله، " هو فى أحسن من أنى أخدم على ضيوف ربنا فى شهره الكريم"، ببساطة طاغية بررت "أم بدوى" نشاطها السنوى الذى وصل هذا العالم لدورته الأربعين على التوالى، فمنذ أربعون عاماً كاملة وفرشة "أم بدوى" ثابتة تقدم من خلالها الطعام للمارة والعابرين.
على الرغم من هيئتها البسيطة إلا أنها معروفة بالخير بالنسبة للجميع، وهو ما يبدو غريباً على امرأة بسيطة مثلها أن تلتزم يومياً بإطعام زوار الساحة، أما فى الأيام العادية فتطعم "ضيوف بيت ربنا" يوم الجمعة قبل الصلاة وبعد العشاء.
تتلاشى الدهشة عندما تتحدث أم بدوى عن البركة التى تأتيها بسبب خدمتها لضيوف ربنا، وتقول "ربنا بيبعت ولله، بلاقى الرزق جاى وببقى عارفة أنه من عند ربنا عشان الناس اللى هتاكل وتشبع".
مضيفة أنها لا ترى فى هذا مشقة قائلة "اللقمة فى بق المسكين بركة فى الحياة وبيت فى الجنة.. وأنا مبقولش غير يارب".
أم بدوى تحكى قصتها
أم بدوى تقوم بعمل الخشاف
ام بدوى تجهز للإفطار
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة