عجبت لك يا زمن، فيوم بعد يوم يزداد حجم اندهاشى وتتضاعف أسباب حيرتى من انقلاب الأوضاع وتدنى المستوى فى كل شىء على الإطلاق، فهل ما زلت بعقلى أم أننى فقدته فى ظل هذا المناخ المزدحم بالمفاجآت والسخافات والسلوكيات غير المنطقية !
فقد تربينا على قيم ومبادئ وأخلاقيات عامة يعرفها الجميع فالحق بَين والباطل بَين، ولا مجال لأى لبس بينهما .
أما الآن فى زمن الباطل الذى فرض نفسه بقوة ليحل محل الحق والعدل والخير والجمال بكل تبجح واستقرار، لتجد الناس أنفسها شيئاً فشيئاً قد تأقلمت وتقبلت وتدهورت ذوقياً وأخلاقياً وعلمياً وفنياً، فيحل كل خبيث محل كل طيب ويتحول بفعل الواقع إلى شىء طبيعى مُتقبل ومألوف اجتماعياً .
ينطبق كلامى على فساد الذوق وسوء الاختيار وإعلاء قيمة القشور واللاشىء على حساب كل ذى قيمة!
فعلى سبيل المثال فقط لفت انتباهى مؤخراً خبراً تتداوله بعض المواقع الإخبارية عن احتفالية أقيمت بأحد الفنادق المصرية بحضور شخصيات مصرية وعربية، وتم فيها تكريم عدد من نجوم الفن، بالإضافة إلى تنصيب بعضهم سفراء للنوايا الحسنة، وبالطبع كان على رأس المنصبين فنانات لا تمتلكن من الفن شيئًا سوى العرى والإساءة لهذا المسمى الرفيع، فكيف ولمصلحة من وهل من المنطقى أن يكون التقييم والاختيار بهذا الحد من العشوائية وعدم التدقيق، فيتحول الأمر إلى شىء مقزز خالٍ من المصداقية والأهمية!
ولم العجب: فهذه هى أهم سمات العصر، إعلاء قيمة الأنصاف وغير الموهوبين وتهميش القامات والمؤهلين، فلم تعد هناك معايير تحكم. أى شىء من أى نوع !
أعزائى: كفانا تدنى وزيادة انحدار، وإفساد للذوق وإطاحة بقيم كادت أن تختفى كالحق والخير والجمال، فلم يعد هناك حق بعدما أطاح به الباطل واستقر مكانه، ولم يعد هناك خيراً فى زمن اعتلى فيه الشر والمكائد أعلى وأرفع المناصب. ولم يعد هناك جمال بعدما اعتادت أعيننا وآذاننا على رؤية وسماع كل ما هو قبيح!
ليصبح الحق والخير والجمال كلمات من زمن فات.