فى كتاب إيقاظ الهمم لابن عجيبة يحكى عن صوفى شهير اسمه أبو الحسن الشسترى يقول عنه «كان وزيراً وعالماً وأبوه كان أميراً فلما أراد الدخول فى طريق القوم «يقصد الصوفية» قال له شيخه لا تنال منها شيئاً حتى تبيع متاعك وتلبس قشابة وتأخذ بنديراً «أى دفا»، وتدخل السوق، ففعل ذلك ودخل السوق يغنى ويقول:
«شويخ من أرض مكناس وسط الأسواق يغنى/ اش عليا من الناس واش على الناس منى/ اش عليا يا صاحب من جميع الخلايق/ افعل الخير تنجو واتبع أهل الحقائق/ لا تقل يا بنى كلمة إلا أن كنت صادقا/ خذ كلامى فى قرطاس واكتبوا حرز عنى/ اش عليا من الناس واش على الناس منى».
وأبو الحسن الششترى الذى يعد أول من أدخل الزجل فى كلام الصوفية، ولد فى «ششتر» فى جنوب الأندلس سنة 610 هـجرية، ومات فى مصر فى مدينة دمياط، ودفن بقرية تسمى طينة، وعندما جاء إليها أول مرة قال «حنت الطينة إلى الطينة».
«اش على حد من حد افهموا ذى الإشارة/ وانظروا كبر سنى والعصا والغرارة/ هكذا عشت فى فاس وكذاك هون هونى/ اش عليا من الناس واش على الناس منى»
قال عنه الأديب الأندلسى ابن ليون التجيبى: «كان من الأمراء وأولاد الأمراء فصار من الفقراء وأولاد الفقراء»، وقد ترك لنا ديوان شعر واحد، إضافة إلى عدة كتب فى علوم الإسلام والصوفية، أهمها «العروة الوثقى، والمقاليد الوجدية فى أسرار الصوفية، والرسالة القدسية والمراتب الإيمانية».
«اش عليا من الناس واش على الناس منى/ من عمل يا بنى طيب ما يصيب إلا طيب/ لعيوبه سينظر وفعاله يُعيّب/ من معه طيبة أنفاس يدرى عذر المغنى/ اش عليا من الناس واش على الناس منى».
كانت الخطوة التى غيرت حياته هى مقابلته للفيلسوف والمتصوف الأندلسى عبدالحق ابن سبعين الذى قال له: «إذا كنت تريد الجنة فسر إليهم وإن كنت تريد رب الجنة فهلم إلىَّ».
«يا إلهى رجوتك جد عليا بتوبة/ بالنبى قد سألتك والكرام الأحبة/ الرجيم قد شغلنى وأنا معه فى نشبة/ قد ملا قلبى وسواس مماه يبغاه منى/ اش عليا من الناس واش على الناس منى».
كان صوفيا حقيقيا ترك كل شىء من أجل الله حتى وصفه لسان الدين ابن الخطيب فى الإحاطة بقوله «عروس الفقراء، وأمير المتجردين، وبركة الأندلس، كان مجوداً للقرآن، قائما عليه، عارفاً بمعانيه، من أهل العلم والعمل».