من التراث للعمارة المايلة.. ماذا تعرف عن "الأزاريطة" أقدم أحياء إسكندرية؟

السبت، 10 يونيو 2017 09:30 م
من التراث للعمارة المايلة.. ماذا تعرف عن "الأزاريطة" أقدم أحياء إسكندرية؟ حى الازاريطة
إسراء عبد القادر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على مدارأيام احتلت صورة "العقار المائل" بمحافظة الإسكندرية صدارة اهتمام جمهور السوشيال ميديا ثم هدأت القصة قليلاً حتى عادت للاشتعال مرة أخرى بعد ظهور عقار مائل أخر بمنطقة السيوف التابعة لحى المنتزه بالمحافظة نفسها ليعود الحديث مرة أخرى عن العقارات المائلة، وهو المشهد الذى أصابنا بالدهشة، ودفع الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعى لمعالجة الحادث الغريب بالسخرية الشديدة على الرغم من فداحة الأمر، وما يعكسه من فساد فى مواد البناء وضع الإسكندرية على رأس المحافظات التى تشهد سقوط العقارات.

العقار المائل الذى ستستقر صورته حتماً فى أكثر لقطات عام 2017 غرابة، هو البطل الذى تختفى من خلفه عشرات القصص للسكان والأهالى بحى "الأزاريطة" العريق، وهو الحى الذى يعتبر من أقدم الأحياء بالإسكندرية وتعكس تفاصيله تاريخ عروس البحر المتوسط منذ عصر البطالمة وحتى "العمارة المايلة"، فكيف وصل حال هذا الحى لذلك الوضع "المائل" الذى شهدناه فى صورة تعبر عما تعجز عن وصفه آلاف الكلمات.

تاريخ حى الأزاريطة:

kok
حى الأزاريطة

يقع حى الأزاريطة فى وسط الأسكندرية وتتركز به أهم معالم المحافظة. ويرجع تاريخ إنشائه إلى فترة حكم محمد على الذى أراد النهوض بمحافظة الأسكندرية  ففكر فى إدخال نظام الحجر الصحى المعمول به فى فرنسا، فأنشأ أول مجحر صحى و سمى "لازاريت" حيث كان يتوافد إليه القادمون من شرق مصر. ويشغل هذا المكان حالياً المستشفى الجامعى. ويرجع سبب تسميته إلى لفظ لازاريت أى الأبرص أو المجذوم حيث كانت الدول الرومانية تبالغ فى الحجر على المحذومين فكانوا يضعونهم فى الحجر طوال حياتهم ومن ذلك اللفظ اشتقت كلمة الأزاريطة.

حى الأزاريطة فى ثقافة المصريين:

يمثل حى الأزاريطة ملحمة تاريخية منذ عصر البطالمة، حيث ضم المكتبة القديمة والمجمع العلمى "الموسيون"  وكان منبعاً لنشر العلم فى مصر والدول الاخرى. فكان حى الأزاريطة يمثل الحى الملكى فى الأسكندرية ، كان يقيم به الملوك والأمراء إلى أن أحرق الإمبراطور أوريليان الحى بأكمله بما فيه من معابد ومقابر ملكية.كما كان الحى شاهداً على معركة أكتيوم البحرية وقصة حب كليوباترا وأنطونيو وانتحار كليوبارترا.

كان يسكن حى الأزاريطة قديماً اليونايين وسكان من الجاليات المختلفة واشتغل أهل الحى بالتجارة والبقالة بعد ذلك. كما يشتهر الحى بوجود الحى اليونانى والجالية اليونانية.

وكانت تسرى الموسيقى اليونانية فى حى الأزاريطة حتى الساعات الأولى من الصباح ولكن بعد ثورة  يوليو1952 هجر اليونانيين الأسكندرية وتحولت تلك المنطقة إلى ورش للحرفيين.أما الجزء الشمالى كان الجزء الراقى فى الحى الذى يطل على الشاطىء ويسكنه كبار أعيان الأسكندرية .فترسخ حى الأزاريطة فى أذهان المصريين انه الحى الراقى الذى لا ينام أبداً .

 حى الأزاريطة..تاريخ عريق وواقع عشوائى:

مازال حى الأزاريطة محتفظاً بمكانته التاريخية بين أحياء الأسكندرية، ويستمد أهميته من تاريخه ومن معالمه التى يتوافد إليها الناس من مختلف أحياء الأسكندرية بل ومن محافظات مصر كلها .

ولكن أصبح من أكثر الأحياء ازدحاما وتكدساً لكثرة الأسواق فيه كما ارتفعت المبانى به وملأته العمارات العالية. ولعل ما أصاب الحى فى الفترة الاخيرة من أحداث غريبة جعلت الأنظار تتوجه إليه من جديد، فما حدث للعقار المائل بالأزاريطة أكبر دليل أن الحى يحتاج لضوابط فى تراخيص البناء .

فلا يزال حى الازاريطة من الأحياء العريقة فى الاسكندرية إلا أنه تلوث بالكثير من الأبراج الأسمنتية التى دائماً ما تسبب المشاكل بسبب الفساد فى مواد البناء مثلما حدث فى العقار المائل فى الآونة الأخيرة.

 ولكن برغم طغيان الأبراج السكنية على حى الأزاريطة إلا أنه لا يزال محتفظاً بشكل المعمار اليونانى الذى كانت تسكنه الجاليات الأجنبية قديماً. فانقسم حى الأزاريطة الآن إلى منطقة سكنية شعبية مزدحمة بالسكان والأسواق والورش، ومناطق أخرى لا تزال تحتفظ بالنقش اليونانى منذ العصور القديمة.

معالم حى الأزاريطة

 :

مكتبة الاسكندرية
مكتبة الاسكندرية

يضم حى الأزاريطة عدد من المعالم المهمة مثل مكتبة الأسكندرية من جهة الشمال  التى تعتبر من اكبر المكتبات فى الشرق الأوسط والعالم، فهى من أقدم المكتبات المعرفية والتاريخية منذ عهد البطالمة.

مسجد القائد ابراهيم
مسجد القائد ابراهيم

 

ومسجد القائد إبراهيم من الغرب وهو المسجد الذى كان له دور كبير فى أحداث ثورة يناير 2011 وما تلت الثورة من أحداث فى السنوات الماضية. فكان مسجد القائد إبراهيم ملجأ الكثير من الثوار ودائماً ما كان شاهداً على أحداث مهمة فى اعقاب ثورة يناير 2011.

كما يضم الحى عدد من المسارح أهمهم مسرح "كوتة" الشهير الذى يعتبر أكبر مسارح مصر.فيعتبر حى الأزاريطة من أكثر أحياء الأسكندرية ازدحاما على مدار اليوم،  فيضم المستشفى الجامعى وعدد من الكليات النظرية والمركز الثقافى الألمانى والروسى كما يحتوى على عدد من الحدائق مثل حدائق الشلالات الشهيرة. وينتهى حى الأزاريطة بمحاذاة خط الأسوار العربية التى شيدها أحمد بن طولون فى القرن الثالث الهجرى الذى سمى على اسم والى مصر بعد ذلك محمد على.

مشاهير سكنوا حى الأزاريطة

 :

سكن فى حى الأزاريطة عدة مشاهير منذ العصور القديمة فكان الحى ملتقى الجاليات الأجنبية والمشاهير مثل :

يوسف شاهين
يوسف شاهين

الفيلسوف الاغريقى أفلاطون وعالم الطبيعة أرشميدس وهيباتيا الفيلسوفة السكندرية والمخرج العالمى يوسف شاهين.وعدد من الفنانين مثل الفنان مصطفى قمر والفنان هشام عباس الذى نشأ وقضى طفولته فى حى الأزاريطة.

حى الأزاريطة الآن

 :

لا يزال الطابع المعمارى المميز للحى موجود حيث توجد فيلات وقصور منذ القرن التاسع عشر، كما توجد بعض العمارات التاريخية التى شيدها الإيطاليون وتركوا بصماتهم على المبانى والمساجد فى الحى. فكانت تتزين العمارات بالزخارف والتيجان والبعض منهم لايزال محفور عليه تاريخ التشييد واسم المعمارى الذى شيدها. ولكن بعد ميل برج سكنى مكون من 13 دور على العقار المقابل له فى الأيام الماضية ولم تجد الحكومة المصرية أى حل لتلك الكارثة إلا أنها استعانت بكبرى شركات المقاولات لإيجاد حل لتلك العجيبة التى استفاق عليها سكان حى الأزاريطة فى إحدى ليالى رمضان.

العقار المائل بالأزاريطة
العقار المائل بالأزاريطة

وبعد أيام قليلة من حدوث هذا الأمر بدأت شركات المقاولات فى البدء فى هدم العقار من أعلى إلى أسفل حتى لا يتسبب الأمر فى حدوث كارثة فى المنطقة بأكملها. وبدأت شركات المقاولات فى هدم العقار بالفعل من اعلى إلى أسفل حتى وصلت إلى الدور الثامن ويستكمل العمل.

 وكأن التاريخ أراد أن يبقى حى الازاريطة على قمة الأحياء الشهيرة فى  أذهان المصريين فبعد ميل عقار الأزاريطة الشهير على العقار المقابل له  عاد الحى من جديد حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعى والشعب المصرى بأكملة. فبعد تاريخ حافل لحى الأزاريطة بالسكان الأجانب ومشاهير العصور القديمة مازال محتفظاً فعجائبه حتى جلب لنا فى 2017 عجيبة عقار الازاريطة "المائل"

عمليات هدم العقار المائل
عمليات هدم العقار المائل
العقار المائل
العقار المائل

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة