منذ أن اتحدت الدول العربية على عزل قطر سياسيًا، وتوجيه رسالة شديدة اللهجة إلى قادتها، مفادها «طفح الكيل» ونفد الصبر، توجهت أنظار الجميع إلى تلك الدولة، وفى الحقيقة فإن قطر قد استقبلت خلال الأيام القليلة الماضية العديد من الصفعات التاريخية التى لم تعتد على مثلها طوال تاريخها القصير، حتى أن بعض المتابعين تحدثوا عن أن مسألة سقوط النظام القطرى أصبحت وشيكة، وأنه على القطريين أن يحلوا تلك المشكلة بأيديهم، قبل أن تتدخل أيادٍ أخرى قد تكون أشد بطشًا وأكثر قسوة.
سخونة الوضع فى المنطقة جعلت من قطر محورًا من أهم محاور المحادثات اليومية بين الرؤساء بعضهم البعض، وها هو الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وقف أمس الأول ليخطب فى الشعب الأمريكى، مؤكدًا أن قطر متهمة بدعم الإرهاب العالمى، وأن عليها أن تلتزم بما قررته الدول العربية من إجراءات، حتى تتجنب أى تصعيد محتمل. وفى الحقيقة فإن وقوع هذا التوافق الدولى على أن قطر «إرهابية» يعنى- ضمن ما يعنى- أن العد التنازلى للعمر الافتراضى للنظام القطرى بدأ فى الانهيار، وبوتيرة هبوط أسرع مما يتخيله أحد، لكن هل تكفى هذه الإجراءات لمحاربة الإرهاب العالمى حقًا؟ وهل قطر هى الدولة الوحيدة التى تقوم بمثل هذه العمليات المشبوهة؟
الإجابة قاطعة «لا»، فقطر ليست وحدها فى تلك الدوامة السوداء، وقبلها وبعدها توجد تركيا التى أصبحت قبلة الإرهابيين ومنبرهم، فمنها تنطلق قنوات الإرهاب والتحريض على الجيش والشعب، وإليها يحج الإرهابيون من كل مكان، وفيها يقيم الدواعش بجوار الإخوان، ومن خلالها يتم تهريب السلاح والبترول من «داعش» وإليها، وهى الداعم الأكبر لكل ما هو رجعى، والممول الأكبر لكل من هو قاتم مسموم، ولهذا فمن العبث أن نصب كل اهتماماتنا على قطر فحسب ونترك تركيا كما هى، فهذه حالة شبيهة بحالة من يجفف الأرض من المياه المنسابة عليها فى حين أنه قد ترك الصنبور مفتوحًا، ولهذا يجب على الدول العربية أن توجه بوصلة اهتمامها إلى دور تركيا فى تدعيم الإرهاب عالميًا، كما يجب أن ترتب على هذا عقوبات دبلوماسية وسياسية واقتصادية، فمن العبث أن تموّل تركيا الإرهاب الذى يقتل أبناءنا، ويدمر مستقبلنا، بينما تظل تركيا محتلة الصفوف الأولى فى قائمة الدول ذات التعامل التجارى المرتفع مع الوطن العربى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة