اعتدنا ذلك، تنزل النازلة بمصر، صغيرة الحجم أو كبيرة، أزمة أو مصيبة، يبقى لدينا اليقين بأنها ستزول، ومن بعد اليقين اعتقاد راسخ بأن كل سيئ حل بمصر سيزول، وقد مارس دور فيضان النيل فى كشف عورات الأرض والمستخبى أسفل تراب الزمن.
فى كل الأزمات التى عاشتها مصر، خلال السنوات السبع الأخيرة، عقب ثورة 25 يناير، كان هناك دوما باب للخروج، وغربال للفرز، يكشف لنا من يقف فى «ضهر» هذا الوطن، ومن يقف ضده، ومن يخبرنا أنه يقف فى «ضهر» الوطن، وتكشف لنا الأيام أنه اختار موقعه هذا للطعن لا للحماية والدعم.
منذ 20 عاما تقريبا، ومصر تعيش فى حالة شد وجذب مع الإمارة القطرية، تحديدا منذ 1995 انقلب حمد على والده، وكان الهدف الأول من هذا الانقلاب المدعوم خارجيا، تحويل قطر إلى شوكة فى حلق الخليج العربى، وذبابة تثير تناوش مصر، وتثير ضيقها إذا مالزم الأمر، وهو ماظهر سريعا فى عام 1997، حينما خططت قطر لسرقة القمة الاقتصادية التى اعتادت مصر تنظيمها، وقاطع الرئيس الأسبق القمة، حينما عقدت فى الدوحة، وبدأت الحرب القطرية على مصر، مستخدمة فى ذلك سلاح فضائية الجزيرة، بجانب سلاح الأموال لإفساد تحركات مصر السياسية والاقتصادية فى دول الجوار.
ماحدث من تطورات فى الخصوم بين القاهرة والدوحة، وتجرؤ حمد ومن بعده تميم على مصر، كان فى حاجة إلى عملية ثأر حتى تبرد النار المصرية، لذا لا يجب أن تختصر الموقف المصرى فى المقاطعة العربية لقطر، وفضح تمويل النظام القطرى للإرهاب فى أنه رد مصرى أو خليجى على موقف قطر فى ليبيا أو سوريا فقط لا غير، بل هو نفاد لصبر مصرى امتد عمره بحكم الدم والعروبة على دويلة صغيرة، قررت أن تلعب دور الشيطان فى المنطقة.
التحركات المصرية والخليجية الأخيرة لحصار قطر وفضحها، كشفت لنا كالعادة من يكره هذا الوطن ومن يحبه، وفضحت لنا عبيد تميم فى القاهرة، هؤلاء الذين تحركهم الريالات والدولارات، ويختارون صفا غير صف الوطن للوقوف فيه، والدفاع عن أمير باع نفسه ووهبها لنشر الفتنة فى الوطن العربى، هؤلاء الذين يطلون علينا من شاشات الإخوان وبعض المواقع الممولة، من قطر أو تركيا أو لندن للدفاع عن قطر وأميرها، ويتعللون مرة بالمصريين العاملين فى الدوحة، بينما هم أنفسهم كانوا السباقين من قبل بتوجيه الإهانات ضد السعودية فى زمن قضية الجيزاوى، وكانوا يصمون أذانهم إن تحدث إليهم أحد عن مصير المصريين العاملين فى السعودية، وكانوا هم أول المهللين لطائرات الناتو، وهى تضرب ليبيا، دون أن يهتموا بمصير 2 مليون مصرى فى ليبيا.
عبيد تميم، إذا فشلت حجة المصريين العاملين فى قطر، يرفعون أصواتهم بحجة تبعية مصر للقرار السعودى والإمارات بخصوص مقاطعة قطر، وأصحاب وجهة النظر هذه، إما مزورون أو جهلة، لأن دفة الموقف العربى بأكلمه تجاه قطر تحول بسبب الأداء المصرى الذكى والموزون فى هذا الملف سواء على المستوى الرئاسى أو المخابراتى أو الدبلوماسى، مصر لعبت مباراة قطر بشكل جيد، جلست خارج الخطوط، تمارس دورها كمدير فنى ماهر، يحرك لاعبيه فى الملعب، ويدرك من قبل أن لكل مباراة لاعبًا مؤثرًا.
أزمة عبيد قطر فى الوطن العربى، وفى مصر تحديدا، أنهم حتى هذه اللحظة لم يدركوا ما أدركه المسؤولون والباحثون فى الغرب، ومن المحزن أن تسمع صوتا لمتحدث سابق باسم البنتاجون الأمريكى، يصف حقيقة الوضع فى الأزمة القطرية، بينما هنا تسمع أصواتا مصرية، تتلذذ بتقزيم الدور المصرى وإهانة وطنها، جيمس جيفرى، المتحدث السابق باسم البنتاجون، كان تعليقه على الأزمة الأخيرة كاشفا لعدد كبير من عبيد تميم فى مصر، حينما قال: (كيف فكرت دولة بحجم قطر أن بمقدورها تحريك وقيادة الوضع فى الشرق الأوسط بدلا من مصر، وكيف تخيل حاكم قطر أنه يستطيع إيذاء دولة كمصر قوامها 93 مليون مصرى، لا تمثل قطر لهم أى أهمية.. كيف تجرأ أن يحاول خلخلة الاستقرار فى دولة بحجم مصر، والتعاون مع الشيطان أقصد الإخوان من أجل نقل القيادة العربية من القاهرة إلى الدوحة.. هناك من ينفق على ذلك وأقنع القصر القطرى أنه بإمكانه التأثير فى مصر، ومن فعل ذلك لا يجيد قراءة الواقع فى منطقة الشرق الأوسط).
مؤسف حقا أن تكون تلك هى كلمات الأمريكى، جيمس جيفرى، بينما يجلس عبيد قطر من الإخوان، وبعض النشطاء ليجتهدوا، وفقا لما حصلوا عليه من أموال فى سبيل تقزيم الدور المصرى، ولكن مصر اعتادت ذلك، وفى كل أزمة يحصد غربال فرزها مكاسب كشف من لايستحقون شرف مصريتهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة