كان «ابن عطاء السكندرى» فى بداية حياته منكرا للصوفية وأهلها حتى سمع من أبى العباس المرسى فى الإسكندرية فدخل فى الطريقة، وسار فى «المحبة»، أما أبو العبَاس المرسى فقد رأى فيه صلاحا فقَال له: «الزم فو الله لئن لزمت لتكون مفتيا فى المذهبين» يقصد مذهب أهل الشريعة أهل العلم الظاهر، ومذهب أهل الحقيقة أهل العلم الباطن.
«وكلى محتاج وأنت لك الغنى/ ومثلى من يخطى ومثلك من يعفو/ وأنت الذى أبدى الوداد تكرماً/ ومثلك من يرعى ومثلى من يجفو»
إنه ابن عطاء الله السكندرى، واسمه أحمد بن محمد بن عبدالكريم، ويلقب بـ«تاج الدين» توفى فى سنة 709 هجرية وهو عالم ومتصوِّف شاذلى، كان معروفا بكونه فقيها مالكيا شهيرا وفى الوقت نفسه كان المتحدث باسم الصوفية فى عصره، كما المشهور عنه مناظرته مع الإمام ابن تيمية التى يوردها البعض فى إيضاح أدب الاختلاف قديما بين العلماء.
«وما طاب عيش لم تكن فيه واصلا/ ولم يصف لا والله أنَّى له يصفو/ عزمت على أن أترك الكون كله/ وأقفو سبيل الحب والمجتبى يقفو»
قال عنه الصفدى فى كتابه الوافى بالوفيات: «كان ابن عطاء السكندرى رجلا صالحا يتكلم على كرسى فى الجامع بكلام حسن، وله ذوق ومعرفة بكلام الصوفية وآثار السلف، وله عبارة عذبة لها وقع فى القلوب، وكانت له مشاركة فى الفضائل، وكان من كبار القائمين على الشيخ تقى الدين ابن تيمية، وكانت له جلالة».
«شهود كمو يجلو الحجاب لأنه/ إذا حقق التحقيق صار هو الكشف/ وما أحسن الأحباب فى كل حالة/ فلله ما يبدوا ولله ما يخفوا»
وقال عنه الشعرانى فى الطبقات الكبرى «الشيخ تاج الدين ابن عطاء الله السكندرى رضى الله عنه، الزاهد المذكر، الكبير القدر، تلميذ الشيخ ياقوت رضى الله عنه، وقبله تلميذ الشيخ أبى العباس المرسى، كان ينفع الناس بإشاراته، ولكلامه حلاوة فى النفوس، وجلالة».
«وإن الأولى لم يشهدوك بمشهد/ قلوبهم عن نيل سر الهوى غلف/ وأنت الذى أظهرت ثم ظهرت فى/ جميع المبادى مثلما شهد العرف»
يعرف الكثيرون ابن عطاء السكندرى بمناجاته التى يقول فيها «إلهى أنا الفقير فى غناى فكيف لا أكون فقيرا فى فقرى؟ إلهى أنا الجهول فى علمى فكيف لا أكون جاهلا فى جهلى؟».
وتدخل قصائده وحكمه فى «شهد الكلام» المؤثر فى النفوس فى تاريخ القول العربى والكلام الإسلامى.