في عام 2016 صدر كتاب كاشف جدا لكواليس العلاقة الفرنسية الروسية للصحفى الفرنسى "نيكولا هينان"، بعنوان "فرنسا الروسية..تحقيق حول شبكات بوتين"، و ذكر الكاتب أنه فى عام 2007 بموسكو اجتمع الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى بالرئيس الروسى "بوتين"، حيث ندد اﻷول بالحل العسكرى الروسى فى جمهورية الشيشان، فرد عليه "بوتين" لو تابعت الحديث معى بهذه اللهجة سأقوم بسحقك.
أيضا الرئيس الفلبيني "رودريجو دوتيرتي"، حين وصف الرئيس الأمريكى السابق "باراك أوباما" ، أنه (خنزير) ونعته بألفاظ نابية أسوأ من ذلك ، أما الرئيس الأمريكى "ترامب" تحدث فى مقابلة له مع شبكة « فوكس نيوز » الأمريكية، عن سوريا واصفا الرئيس السورى بشار الأسد بـ « الحيوان ».. ناهيك عن تجاوزات لفظية اخرى من "ترامب" لمسئولين ووسائل إعلام أخرى .
و إذا تذكرنا بعض الرؤساء العرب أو الأوربيين أو غيرهم جغرافيا و تاريخيا ؛ لوجدنا أن لغة الحوار المسيء ليست مستحدثة وقد نجدها متدنية للغاية مقارنة بمستوى التمثيل الشعبي و التنفيذي الذي من المفترض أن يمثله رئيس الجمهورية حين يتحدث بإسم دولته و شعبها في أمور سياسية أو غيرها .
ومنهم الي متابعة في فترة ليست بالقصيرة منذ ظهور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مواجهة الكاميرا و المذياع وحتى الان .. ومنذ جلوسه على مقعد السلطة كرئيس للبلاد ؛ وهو يتحدث معظم الوقت إرتجالا .
وكلمة "الإرتجال" تشمل قدرة الشخص على التعبير من خلال ثقافته و محصلته الفكرية و التربوية و النفسية أيضا .. - فالمرتجل هنا يقرأ ما تكتبه نفسه و نشأته من كلمات ؛ ويصور لنا باطنه في جمل يطلق لها العنان على مرأى و مسمع من الجميع ، ولذلك دائما تتجلى في "الإرتجال" النشأة و المحيط و الثقافة و لا يتعلق الأمر فقط بالدبلوماسية المكتسبة من الممارسة السياسية .
ومن هذا المنطلق سنجد ان المفردات التي يستخدمها "السيسي" معبرا عن غضبه أو رفضه "ارتجالا" ؛ وفي لحظات حرجة ومهمه تخلى فيها عن الورق و النص ؛ لا تحمل ما يسيئ للأخر بأي شكل .. بل إنه يحرص على التوصيفات المرنة و المبسطة للأمور و قد لا يكمل الجملة و يكتفي بايماءة او إشارة يفهم منها مقصوده وشعوره .. بل أنه في أوج النشاط الارهابي ضد مصر و الدعم القطري المعروف شعبيا واستخباراتيا له ؛ ورغم علم الرئيس بهذا الامر ، إلا أنه نقل عنه في حوار مع جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية عام 2015 ، حينما طرحت الصحيفة سؤالاً عن إعتذاره للشيخة موزة عن الإساءات التي صدرت ضدها في الإعلام المصري ؟ ؛ فرد الرئيس بأنه " لا يمكن قبول أي إساءة إلى المرأة العربية، بأي شكل من الأشكال، و ليس إلى سيدة من قطر فقط، بل إلى أي سيدة من أي مكان في العالم".... الأمر من المسلمات لديه .
كذلك حين نمعن النظر الي ملف تصريحات "السيسي" تجاه قضايا مصيرية مثل الأمن و الإرهاب سنجده ملتزم بضبط الكلمات وبالرد الفعلي أكثر وبعدم توجيه الاتهامات جزافا و نذكر مصطلح "أهل الشر " ..
ودائما يلجأ الي اﻷدلة والأحاديث المبينة والتساؤلات الكاشفة ؛ والتي كان أخرها قمة الرياض بحضور الرئيس الامريكي "ترامب" ، والتي تأكد بعدها للجميع تمويل قطر للارهاب ودعمها للعمليات التخريبية إقليميا وعالميا ...
ومن هنا ، فإن مسئولية التمثيل السياسي لجموع غفيرة من الناس تحتاج الي الإرتقاء بمستوى الحديث والتمثيل اللفظي ، فما بين بلدان قوية و ضعيفة أساء زعماؤها .. نرى أن القدرة على ضبط النفس لا يمتلكها الكثيرون ؛ وأن لغة الرؤساء يجب أن تنقل ما يليق بالدول و الشعوب حضاريا و انسانيا ، فالرئيس "السيسي" قد نختلف معه سياسيا أو إداريا ، لكننا نتفق في أننا بحاجة لأن يصبح خطابنا العام أكثر إنضباطا كما فعل .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة