وفاء عبدالسلام

دورة رمضانية.. «البشاشة»

السبت، 17 يونيو 2017 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
موعدنا اليوم فى دورتنا الرمضانية مع خلق من أخلاق ديننا الحنيف، وصفة من صفات المؤمنين، خلق يظهر الجمال الحقيقى للإنسان ألا وهو خلق البشاشة، فما أحوجنا الآن فى معاملاتنا إلى البشاﺷﺔ واﻟﺨﻠﻖ اﻟﺤﺴﻦ واﻟﻜﻠﻤﺔ الطيبة.. واﻟﻘﻠﺐ النقى ﺍﻷﺑﻴﺾ.
 
فحينما أراد الله وﺻﻒ ﻧﺒﻴﻪ ﻟﻢ ﻳﺼﻔﻪ ﺑﻤﺎﻟﻪ أو ﺷﻜﻠﻪ، ﻟﻜﻦ قال ﺗﻌﺎﻟﻰ: «وإﻧَّﻚَ ﻟَﻌَﻠﻰ ﺧُﻠُﻖٍ ﻋَﻈِﻴﻢ».
 
والبشاشة هى التَّبسُّم، وحسن الإقبال، واللُّطف فى المسألة.
 
وقيل البَشَاشَة إدام العلماء، وسجيَّة الحكماء؛ لأنَّ البِشْر يطفئ نار المعاندة، ويحرق المباغضة، وفيه تحصين من الباغى، ومنجاة من الساعى.
حين تلقى إنساناً فيبتسم فى وجهك ويتلطف فى معاملتك فإنك لا شك تفرح وتأنس، أما إن كان يلقاك عابساً فإنك تنفر منه ولا تحب لقاءه حتى وإن كان فى هذا اللقاء شىء من المنفعة.
 
ومن أجل ذلك ندب الشرع إلى البشر والبشاشة التى هى السرور الذى يظهر فى الوجه بما يدل على حب اللقاء والفرح بالمقابلة سرور.
وقد عدّ النبى  صلى الله عليه وسلم- لقاء الإخوان بالبشاشة والفرح من المعروف، ووردت أحاديث من السُّنَّة النَّبويَّة، تحثُّ على البَشَاشَة وطلاقة الوجه، فعن أبى ذرٍّ رضى الله عنه، قال: قال لى النَّبى صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق».
 
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشرح الناس صدرا وأعظمهم قدرا، وأعلاهم شرفا وأبهاهم وجها، وأكثرهم تبسما صلى الله عليه وسلم، وما كان يتكلف الضحك، ولا يختلق الابتسامة، بل كان يمتلك نفوس أصحابه، رضى الله عنهم، بابتسامته المشرقة، وضحكته الهادئة اللطيفة، ليكسب قلوبهم ويفوز بودهم، ليقبلوا على هديه، ويرتضوا نهجه، ويجيبوا دعوته، وانظر إلى هذه الابتسامة التى ملكت لبّ هذا الصحابى وأسرت فؤاده، يقول فضالة بن عمير الليثى: «قدمت على النبى صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو يطوف بالكعبة، وكنت أريد قتله، فلما اقتربت من الرسول صلى الله عليه وسلم قال لى: أفضالة؟ قلت: نعم فضالة يا رسول الله، قال: ماذا كنت تحدث نفسك؟ قلت: لا شىء، كنت أذكر الله، قال: فضحك النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال لى: استغفر الله، ثم وضع يده على صدرى، فوالله ما رفعها حتى ما من خلق الله شىء أحب إلىّ منه».
 
وتحدث جرير- رضى الله عنه–عن بَشَاشَته صلى الله عليه وسلم عند مقابلته للناس، فقال: «ما حجبنى النَّبى صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآنى إلا تبسَّم فى وجهى»
 
وتعامل صلى الله عليه وسلم مع ضيوفه ببشاشة الوجه، ورحابة الصدر وطيب النفس وحسن القرى معانٍ جميلة جسَّدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ورد عن السيدة عائشة- رضى الله عنها- عن بَشَاشَته صلى الله عليه وسلم لأخت السيدة خديجة- رضى الله عنها- وفاءً لها، فقالت: «استأذنت هالة بنتُّ خويلد- أخت خديجة- على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة، فارتاح لذلك، فقال: اللهمَّ هالة».
 
وقيل: «حسن البِشْر اكتساب الذِّكر»، ولقد صدقت المقولة، فهناك المئات من علماء وأعلام الأمة ماتوا، ولكن بقى ذكرهم بهذه الصِّفة خالدًا، ففى تراجم أهل العلم: أنَّ فلانًا كان «بَشُوشًا»، أو أنَّه كان «طَلْق الوجه»، أو كانت «البَشَاشَة لا تفارق محيَّاه»، أو عبارات قريبة من هذه تعبر عن اتِّصافهم بهذه الصفة.
 
كم نحتاج إلى إشاعة هذا الهدى النبوى الشريف، والتعبد لله به فى بيوتنا، مع أزواجنا، وأولادنا، وجيراننا، وزملائنا فى العمل، فلن نخسر شيئا، بل إننا سنخسر خيرا كثيرا- دينيا ودنيويا- حينما نحبس هذه الصدقة عن الخروج إلى واقعنا الملىء بضغوط الحياة.
 
إن التجارب تثبت الأثر الحسن والفعّال لهذه الابتسامة حينما تسبق تصحيح الخطأ، وإنكار المنكر، وبعد: فإن العابس لا يؤذى إلا نفسه، وهو- بعبوسه- يحرمها من الاستمتاع بهذه الحياة، بينما ترى صاحب الابتسامة دائما فى ربح وفرح.
 
اللهم اجعل المحبة فى نفوسنا، والابتسامة فى وجوهنا، والسعادة فى بيوتنا، واجعل ذكرك لا يفارقنا يا أرحم الراحمين.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة