علينا أن نستعد لمرحلة لما بعد داعش»، هكذا تتحدث تقارير أمنية وسياسية فى أوروبا خاصة فى بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وهى الدول التى واجهت عمليات إرهابية منوعة بين تفجيرات ودهس وطعن. وأيضا هى الدول التى شاركت فى تحالف الحرب على داعش.
بعد الهزائم التى تلقاها تنظيم داعش فى العراق وسوريا، هناك توقعات بعودة أعداد من الأوروبيين المنضمين لداعش والنصرة وباقى تنويعاتها. لكن هل من السهل الانتهاء من داعش أو تنظيمات الإرهاب لمجرد أن تعلن أوروبا رغبتها فى ذلك، بينما الواقع يكشف أن هذه التنظيمات وان كانت تقوم على المرتزقة، والمقاتلين من أنحاء العالم، فهى أيضا حصلت على دعم وسلاح من دول عربية وأوروبية سواء بطريق مباشر أو غير مباشر.
كانت تركيا وقطر أكثر دولتين فى العالم تمويلا لداعش والنصرة التى هى القاعدة، المال القطرى والتسهيلات التركية ساهما فى تمكين داعش وتنظيمات الإرهاب. إما عن طريق إسقاط النظام فى ليبيا، أو منح السلاح والأموال للمقاتلين من أنحاء العالم ممن حاربوا فى سوريا وبعضهم إن لم يكن أغلبهم لا يعرف شيئا عن القضية السورية.
حصل هؤلاء المقاتلون على دعم مادى وإعلامى من الغرب باعتبارهم كانوا رسل الحرية إلى سوريا وهم من تحول بعضهم إلى ليبيا ليمثلوا أسرع أدوات الهدم والتفكيك. ويمنعوا فى الكثير من الأحيان قيام نظام سياسى، لأن أى نظام سيكون عليه منع الابتزاز والفوضى، ابتزاز يقوم على مزاعم أن هؤلاء الإرهابيين كانوا يقاتلون من أجل التغيير فى سوريا، بينما قتلوا وسرقوا وارتكبوا مذابح بفتاوى ضعيفة. المهم أن الدول التى ساهمت فى قيام داعش، سوف تواجه أزمات مزدوجة حال انتهاء أو توقف الإرهاب، لأن التنظيمات الإرهابية سوف تطلب المأوى، أو الاستمرار داخل اللعبة، وفى حال الرفض سوف تعتبر الممولين السابقين من ضمن معسكرات الأعداء، وربما تنقلب عليهم، وهو ما جرى مرات فى تركيا، والتى شهدت عمليات إرهابية بالرغم من أنها قدمت الدعم المادى والمعنوى لهذه التنظيمات. وبالتالى فإن الدول التى دعمت قيادات داعش ليس من السهل أن تخرج من اللعبة وقد تتحول إلى هدف للإرهاب، ولا يمكن فصل العمليات الإرهابية التى يرتكبها داعش فى بريطانيا وفرنسا وألمانيا، هو نوع من الارتجاع الإرهابى، ولايستبعد حال انسلاخ دول مثل تركيا أن يكون رد الفعل أكبر مما هو هناك.
لقد دفعت دولة مثل قطر مليارات لتغذية وإنشاء التنظيمات الإرهابية وبالتالى ليس من السهل أن توقف هذا الدعم أو تنسلخ من داعش والنصرة وباقى تنظيمات الإرهاب. وعليها أن تدفع من جديد لنفى علاقتها بهذه التنظيمات، أو للانسلاخ من كيان تحور كثيرا، وقد يجد الرعاة أنفسهم مطالبين بثمن جديد.لأن التنظيمات الإرهابية أشبه بنفايات تحتاج من يدفنها، وهو أمر صعب.