واصل فضيلة مفتى الديار المصرية الدكتور شوقى علام رحلته الإيمانية فى برنامج "مع المفتى" المذاع على قناة الناس، وأكد أن مسلك هذه الجماعات الإرهابية ما هو إلامسلك مشين ومهين، أفسدت به كل شئ، أفسدت به الزرع والحيوان والإنسان، وهدَّمت البيوت، وأزهقت الأرواح، وستحاسب حسابًا عسيرًا مضاعفًا ومركبًا لأنهم أفسدوا فى الأرض فسادًا مركبًا وأساءوا لسمعة الإسلام إساءة بالغة".
وأضاف مفتى الجمهورية ردًّا على الشبهة المثارة بأن النبى صلى الله عليه وسلم جاء لذبح الناس: "إن هذا الحديث الوارد بلفظ «تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ» لم يخرجه البخارى ولا مسلم بهذا اللفظ، بل أخرجه الإمام أحمد فى مسنده، وليس سنده بالقوى كما قال الحافظ ابن حجر وغيره، وهو سند لا يمكن الاستدلال به منفصلًا فى قضية خطيرة هكذه".
وتابع الدكتور شوقى علام قائلًا: "وعلى فرض الأخذ بصحته، فيجب فهم سياق الحديث والظروف المحيطة به، التى يُفهم منها أنها كانت على سبيل التهديد والتخويف، وهذه الظروف المحيطة يصورها لنا سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص فيقول عن قريش: "قَدْ حَضَرْتُهُمْ وَقَدِ اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ يَوْمًا فِى الْحِجْرِ فَذَكَرُوا فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ صَبْرِنَا مِنْ أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ، سَفَّهَ أَحْلَامَنَا، وَشَتَمَ آبَاءَنَا، وَعَابَ دِينَنَا، وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، لَقَدْ صَبرْنَا مِنْهُ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ يَمْشِى حَتَّى اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَلَمَّا أَنْ مَرَّ بِهِمْ غَمَزُوهُ، فَعَرَفْتُ فِى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا مَرَّ بِهِمُ الثَّانِيَةَ غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِى وَجْهِهِ، فَمَرَّ بِهِمُ الثَّالِثَةَ فَغَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا، ثُمَّ قَالَ: «تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ». وفى رواية أخرى قال سيدنا عبد الله بن عمرو: "بَيْنَا النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّى فِى حِجْرِ الكَعْبَةِ، إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِى مُعَيْطٍ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِى عُنُقِهِ، فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا".
وأشار مفتى الجمهورية إلى أن لفظ "الذبح" يمكن أن يستعمل على سبيل المجاز فى التهديد والهلاك والتزكية، كما يستعمل أيضًا فى التحوُّل كما فى قول سيدنا أبى الدرداء "ذَبحُ الْخَمْر: الْمِلْحُ وَالشَّمْس"، أى إن الخمر عندما تتعرض للشمس والملحتتحول وتطهر وتُزال خواصها فتصبح حلالًا كما أحل الذبح الذبيحة.
وردَّ الدكتور شوقى علام على من تساءل بأن الأصل هو استعمال الألفاظ على معناها الحقيقى وهو الذبح بقطع الأوداج بقوله: "إن مسيرة النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام من بعده لا تدل على أنهم أرادوا الحقيقة، بل وُجد من القرائن ما يصرفهذا الشئ عن حقيقته، ومنها أن الذبح له موطن واحد فقط، ولا يكون إلا بما يؤكل وهو ذبح الحيوان، أما ذبح الإنسان فهو يُعد من المُثلة المنهى عنها حتى فى ميدان الحرب الذى يُعد ميدان شفاء الصدور".
وأضاف: حتى فى حالة القصاص الشرعى فإنه يتم بأيسر وسيلة، ولا يقصد منه تعذيب الإنسان عند خروج روحه، وكذلك فى الحيوانات نجد أن النصوص الشرعية تشير إلى استعمال الرحمة كما فى قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، لِيُحِدَّ شَفْرَتَهُ ثُمَّ لِيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ».
وأشار المفتى إلى عدة مواقف كانت الفرصة فيها سانحة لاستخدام القتل والذبح، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل شيئًا من ذلك، كما فى صلح الحديبية وفى فتح مكة، فقد حقن رسول الله صلى الله عليه الدماء فى الحالين، بلكان هذا مسلكه صلى الله عليه وسلم فى كل موطن، وعندما قال أحد الصحابة: "الْيَوْم يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْيوم يومُ المرحمة"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة