لم يكن التصوف الإسلامى قاصرا على الشرق فقط، ففى أفريقيا كان هناك رجال وهبوا قلوبهم لله محبة، ومنهم محمد الناصر كبر المولود فى قرية جرن جاوا بنيجيريا سنة 1912.
«قتيل الشوق يرحمه السلام/ ويسقى غيرَ مفْسَدِه الغمامُ/ أشوق إليك يا رحمن شوقا /كما شاقتك سادتُنا الكِرامُ/ عباد عنهم الرحمن راض/ ولم يرددهمُ عنه الملامُ/ يقومون الليالى فى تناجٍ/ ليومهمُ بلا مللٍ صيامُ».
تلقى محمد الناصر علوم الفقه والنحو والحساب والفلك والتصريف والتوحيد والحديث، وكان شيخ الطريقة القادرية فى نيجيريا وتولى النيابة عن قاضى قضاة كنو، وكانت زاويته فى مدينة كنو مزارًا لكثير من الذاكرين يوميًا، وله ديوان شعر بعنوان «بحات الأنوار من سبحات الأسرار»، وديوان آخر بعنوان «ألفية السيرة».
«فلا تلقاهمُ إلا وقوفا/ على الأقدام أنحلَهَا القيامُ/ يحبّون الإله وحُق حقا/ بشرع الحب أن يُطوى المنامُ/ شراب الشوق فى الأحباب يزكو/طعامُ الذكر ذاك هو الطعامُ/ ونور الشوق فى الأحباب يزكو/ ونارُ الشوق كان لها اضطرامُ».
وساهم «الناصر» فى نشر الإسلام والثقافة العربية فى أفريقيا، حيث قضى حياته فى نيجيريا والسنغال وزار الحجاز حاجًا، وأسس مدرسة إسلامية ابتدائية على غرار معهد أمدرمان العلمى، وهو بهذا يكون أول عالم بنيجيريا يؤسس مدرسة إسلامية نظامية، كما أسس كلية تراث الإسلام على مستوى الثانوى العالى، كما أنشأ جامعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يتولى التدريس بنفسه فيها، كما افتتح مدرسة ليلية فى مسجده ووكل أمرها إلى كبار تلاميذه.
«وتزكو فيهمُ شيئا فشيئا/ على التدريج يرتحِلُ الظلامُ/ وتوقد نار ذاك النورِ وقدا/ فيحترقُ الحجاب المُستدامُ/ تظنهمُ من الأشواق جُنوا/ وما جُنوا ولكنْ فيه هاموا/ أساموا فى الرياضِ وما أساموا/ بها ولكن بجنّتها أساموا».
ومؤلفات الشيخ تربو على ثلاثمائة مؤلف، شملت فنوناً مختلفة من العلم، كتب بعضها بالعربية ويربو مريدوه وأحبابه وتلامذته على أكثر من ستة ملايين.
«جَنوا منها قطوفا دانيات/ يوانعَ قد تعاورها انسجامُ/ فجالَ العاشقون الهيمُ بحرا/ خضما لا يُخاض ولا يعامُ/ غَذَوا أرواحهم بلبان عشق/ فهم فى حِجره أبدا نِيامُ».
وقصيدته التى بين أيدينا اسمها «لوامع البرق فى وصف حال أهل الشوق» ونلحظ ما بها من محبة لله وحديث لا ينتهى عن حال العاشقين.