كنا قد تحدثنا فى مقال سابق عن أحد أهم القوانين العليا التى تفصل الإنسان عن باقى المخلوقات وهو "قانون الضمير"، وهو كما ذكرنا قانون تجسيم أعلى لقانون شائع في الكائنات الحية كلها هو أعلى القوانين، ذلك أنه لا يعمل إلا بعد أن تعمل الإرادة والقوة والعلم.
و"الكبح" لا يكون قبل وجود الإرادة والقدرة أبدا ، ولا يعد عملاً إيجابياً إذا كان فاعله جاهلاً بما سيحجم عنه، وهذا القانون الذى ينهى عن العمل لا بد أن يكون فى الكائنات بعد أن تتم قدرتها على العمل، فهو بذلك أصبح أعلى القوانين الإنسانية.
ومن لم ينته يوماً عن عمل يرغب فيه ويقدر عليه يكون قد حكم على نفسه بالحرمان من أرقى الصفات الإنسانية، وهو أمر واضح عند المستهترين والإباحيين والذين يدعون إلى الطبيعة كما نراها فى الحيوانات هؤلاء يعدون كل ما هو غير حيوانى غير طبيعى، وهو رأى بال عفى عليه الدهر ولم يعد دليلاً على التحرر العقلى، كما كان يظن العقليون.
تجد"كانط" كتب فى قطعة من أروع ما كتب أنه يشعر أعظم من هذا كله حين ينظر إلى القانون الخلقى فى داخل نفسه، ولكن "كانط" لم يبرهن على أن القانون الخلقى أرقى القوانين.
ولم يدلنا لم كان هذا القانون من السمو، بحيث يرفع الإنسان على ضآلته إلى ما هو فوق الكون كله على عظمته. وعندى أن نظرية تفاضل القوانين هى التى تثبت أن القوانين الخلقية وخاصة نواهيها هى أعلى قوانين الكون على حد ما نعلم منها، وهى التى تثبت أن الضمير حين يدعو الإنسان إلى الإحجام عن عمل ما يرغب فيه وما يقدر عليه إنما يمثل أرقى صفة فى الوجود، وهذا سر التحريم فى الأديان، وهذا هو موضوع الضمير من القوانين الكونية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة