إذا كان السفاح البدين قد نجح فى شىء مما يصبو إليه من أحلامه، فقد نجح فى لفت الانتباه إليه وإلى طموحاته الخرفة التى لا تخطر على قلب ، إلا على قلب سفاح جاهل مغرور بما يملك من أدوات القتل والإيذاء .
وما دمنا بصدد المواجهة مع السفاح البدين المنشق على الأخوة المنقلب – من قبل ذلك – على أهله – فلا شك أننا ندرك أن إجرام السفاح ليس خطأ ولا سهوا، ولكن كل ما ارتكبه السفاح كان خطة وأهدافا ، أو جزءا من خطة وأهداف .
ولا يمكن بالتالى التجاوز عما حدث ، ولا يمكن العودة إلى ما كانت عليه الأمور كأن شيئا لم يكن، ولابد من الإمعان كثيرا فى كل ما ارتكبه السفاح من أعمال وفى كل ما تقود إليه التحقيقات وفى كل ما تكشف عنه الظروف والملابسات من وقائع، لكيلا نقع فى شراك حية هنا أو هناك ، بينما نحاول التخلص من برائن السفاح وأنيابه التي غرسها في مواضع عديدة .
إن المتورطين فى جريمة السفاح هم الكبار وليسوا الصغار ، فمن عسانا ننتظر التوبة أو الرجوع عن الإجرام؟ ولا يوجد من ننتظر منه التوبة أو الرجوع عن الإجرام أو الرجوع عن الإرهاب أبدا، ولا يوجد رجوع عن مخططات كثيرة لئيمة لتحقيق أطماع السفاح فى رؤية نفسه أكبر مساحة وأوسع نفوذا وأكثر قوة، ولو كفر بكل القيم والمثل، فحلم القوة والنفوذ والسيطرة أكبر عند السفاح من كل شىء ولو كان ما كان وصار ما صار .
خطة السفاح البدين تستغرق السفاح بحاله وماله وتستوعب حاضره ومستقبله، بحيث اختلطت روحه بهذه الخطة الإجرامية وتعلقت حياته ومستقبله بها وجند لها موارده الوطنية وآلته الاعلامية المجرمة المتشبعة بالمجرمين أعداء الأوطان ، لتصبح خطة الإرهاب سفاحا على قيد الحياة ، ولا عدول عن هذه الخطة ولا تعديل لها ولا إحباط لها ولا تجزئة لها ـ إلا بموت السفاح أو تجزئة أوصاله . صدق أو لا تصدق ! ولكن الفارق كببير بين الخيارين . فإذا صدقنا أن السفاح لن يصبح رجلا طيبا حبوبا لأننا أمسكنا يده ملطخة بالدماء وواجهناه ، فسوف ننجو من شر السفاح وأعوانه ولن يصيبنا منه الا أذى ، أما اذا لم نصدق ما تكشف عنه الحقائق من أمر السفاح ومؤامراته ، فلا مناص إذا من التعايش مع ويلات جديدة قادمة من حيث ندرى ولا ندرى حتى يحكم الله لنا وهو خير الحاكمين .
كل أحلام الالتئام مع السفاح الأثيم ولم الشمل لما كان عليه من قبل لهى أحلام كاذبة ولن تصمد أبدا ولا يمكن البناء عليها ولا يجب أن نصدقها أبدا ، لأنها قد تدارى خلفها ضربة قوية موجعة للوطن، ويبقى لنا وللأجيال القادمة – فى كل البلاد المتضررة وفي كل شعوب العالم - أن نحوط هذا السفاح بسياج من حديد ومن نار على مشهد من الناس أجمعين، بحيث تصبح جريمته فى الذاكرة ، ويتشارك العالم أجمع في رقابة المجرم وأعوانه والسيطرة عليهم بما استنه العالم المتحضر من نظم وقوانين خصيصا لمثل هذه الظروف ولمثل هذا السفاح الثرى الشر والأطماع فقير القدوة قليل الشهامة والرجولة، فنحن لا نطمح إلى إهلاك أهل السفاح ولا إلى العدوان على بلده، ولكننا نأمل فى غد بلا غدر ، ونلتزم بحماية أوطاننا وشعوبنا ممن لا أمان له ولا كلمة له وله عهد له أبدا .
مسؤولية عقاب السفاح البدين هى مسؤولية جماعية ودولية ، استنادا إلى ما مارسه خلال سنوات طويلة ماضية من جرائم وما يمارسه السفاح البدين من أعمال تخريبية وأعمال قتل وترويع على أيدى أتباعه وجنوده الممولين بماله الوفير عديم الولاء . وينبغى الاصرار على تدويل قضية السفاح البدين وفضح اساليبه والعمل على تقييد حركته بالتزامات دولية أمام الكيانات الدولية المسؤولة عن حماية السلم والأمن الدوليين من كل سفاح يرتدى أو يحاول أن يرتدى عباءة الزعامة ، بينما هو إرهابى مجرم متجرد من الإنسانية ومن كل المبادىء الخلوقة الواجبة الاحترام .
الكثيرون يتهافتون على جثة السفاح البدين الطافحة بالمال والوقود، وكثير من المصالح تتشابك عند جثة السفاح البدين، وسوف تلتقى مساعى السفاح مع مساعى الطامعين في المال والوقود، لا من أجل تسوية القضية وايجاد حل، ولكن من أجل طرمخة القضية ومحاولة التشويش عليها والتقليل من جديتها ومن مبرراتها والتشكيك في بواعثها، وهذا هو السبيل الوحيد للسفاح البدين الى الصمود والتماسك ، ريثما يدبر شيئا أو أشياء متتالية تعينه على اطالة أمد المواجهة والظهور بمظهر الضحية .
ما دامت الأسباب وراء المواجهة الحالية مع السفاح البدين مؤامرة مسبوكة الأطراف محيكة الخياط ويراها مدبرها السفاح عدلا ويراها العالم ارهابا وغدرا ، وما دامت ارواح العباد ومصالحهم وأمن البلاد واستقرارها متعلقين بتسوية حساب السفاح البدين تسوية حقيقية ، فلا مجال للتجربة ، ولا مجال لوعود الزيف ، ولا حاجة الى البقاء في حلقة مغلقة من ألاعيب وحيل السفاح المكتنز البطن بالمال السفيه .
أزمة السفاح البدين ومواجهته الحالية قد تخرج بعالمنا الى عالم جديد مغاير لما كان عليه بالأمس القريب، وقد تسن نظاما إقليميا آخرا حولنا ، فى ضوء ما يكتنف الموقف من تعقيدات كثيرة يعلمها المختصون .